للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبمسلم لم يقصد الترس؛ يعني أن الكفار إذا تترسوا بمسلم أي جعلوه ترسا أي جعلوه كالدرقة يلقون (١) به ما يصل إليهم من حربنا، فإنهم لا يتركون بل يقاتلون ولكن لا يقصد المسلم الذي تترسوا به بالرمي وإن خفنا على أنفسنا؛ لأن دم المسلم لا يباح بالخوف على النفس، والفرق بين الذرية والمسلم مع أن المسلم أشرف من الذرية أن أهل الإسلام جبلوا على بغض أهل الكفر، فلو أبيح قتالهم في حال تترسهم بذريتهم مع عدم قصد الترس لربما أدى ذلك إلى قتل ذريتهم لعدم تحفظ المسلمين منه لبغضهم، ولا كذلك إذا تترسوا بالمسلم. قاله البرموني.

إن لم يخف على أكثر المسلمين؛ يعني أن محل مراعاة الترس المسلم وعدم قصده بالرمي إنما ذلك إذا لم يخف على أكثر أهل الإسلام، وأما إن خيف من استيصال جمهور المسلمين وأهل القوة منهم فإنه يجب الدفع وتسقط مراعاة الترس فيقصد بالرمي، وفوله: "إن لم يخف على أكثر المسلمين"، قيد أيضا في قوله: "وبالحصن بغير" لخ، وقيد في قوله: "وبنار" أيضا. والمسألة على ثلاثة أوجه: أحدها أن يحصل الخوف على أكثر المسلمين وفي هذه الحالة يقاتلون تترسوا بمسلم أو ذرية ولا يعتبر فيها عدم قصد الترس، ثانيها أن يحصل الخوف منهم لكنه دون الأول وفي هذه الحالة يقاتلون ولا يقصد الترس المسلم وإن تترسوا بذرية لم يعتبر ذلك وفي هذه الحالة يكون المسلم أشد حرمة من ذريتهم، ثالثها أن لا يخاف منهم أصلا فعلى ما تقدم عن البرموني لا يقاتلون إن تترسوا بذرية وبالمسلم يقاتلون ولا يقصد الترس، وعلى مقتضى ما لأحمد لا يقاتلون مطلقا تترسوا بمسلم أو بذرية، فإنه حمل قوله: "وبمسلم"، على ما إذا خيف منهم أي وإن تترسوا بمسلم وخيف منهم فإنهم يرمون، ولا يقصد الترس إلا أن يخاف على أكثر المسلمين فيسقط اعتبار قصد الترس.

ولما ذكر جائزات القتال شرع في ممنوعاته، فقال وحرم نبل سم؛ يعني أنه يحرم علينا أن نرمي العدو بالنبل المسموم وكذا الرمح ونحوه؛ لأن هذا لم يكن فيما مضى وليلا يعاد إلينا، والذي في النوادر: كره مالك أن يسم النبل والرماح: ونحوه لابن يونس، وحمل المولف الكراهة على


(١) كذا في النسخ.