للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانية عديلة "هل" الأولى، وقوله: ندبا، معناه أن الموفقين بين المواضع المتقدمة اختلفوا في وجه التوفيق، فمنهم من قال: ترك التقويم الواقع في المدونة هنا على جهة الندب فلا ينافي ما في حجها والسماع من جواز التقويم، وعلى هذا فلا فرق بين النذر واليمين. وقوله: "ندبا": معمول ليبيع، وهو مفعول مطلق. والله سبحانه أعلم.

أو التقويم إن كان بيمين؛ يعني أن من الشيوخ من وفق بغير ذلك، فقال: إن جواز التقويم الواقع في العتبية محله إن كان اللزوم حاصلا بيمين حنث فيها؛ لأن الحالف لا يقصد قربة فلم يدخل في خبر: (العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه (١))، والبيع والإهداء بالثمن الواقع في المدونة هنا في الملتزم بغير يمين، فهو متطوع قاصد للقربة، فيدخل في الخبر في ذلك تأويلات ثلاث، واحد بالاختلاف واثنان بالوفاق، وما قررت به المص من أن قوله: "أولا" الأولى بسكون الواو هو لابن غازي وغيره، وقرره الشارح على أنه بتشديد الواو ظرفا؛ لأنه فسره بقوله ابتداء أي من غير واسطة بأن يبيعه ثم يشتريه، قال الشيخ الخرشي: وهو أولى إذ عليه يندفع التعقيد ويقل المعادل، وقال الإمام الحطاب: ما حمله عليه الشيخ بهرام هو الظاهر. والله أعلم. انتهى.

واعلم أن القول بالاختلاف هو الذي ذهب إليه جمهور الشيوخ. فإن عجز عوض الأدنى؛ يعني أنه إذا قصر الثمن المبعوث لمحل الجهاد عن شراء المثل فإنه يعوض به ما هو أدنى مما يقرب من المثل إن أمكن، وكذا إذا عجز ثمن الهدي الذي لا يصل عن شراء المثل فإنه يعوض عنه الأدنى مما يقرب منه إلى أن يعجز عن أدنى الهدي الذي هو شاة، وكذا إذا عجز ثمن ما لا يهدى عن قيمة بدنة أو بقرة فإنه يعوض أدنى الهدي وهو شاة.

ثم لخزنة الكعبة؛ يعني أنه إذا قصر ثمن ما لا يهدى أو ثمن الهدي الذي لا يصل عن قيمة أدنى الهدي الذي هو شاة فإنه يدفع ذلك الثمن القاصر لخزنة الكعبة، وإذا قصر الثمن المبعوث لمحل الجهاد عن الأدنى دفع لمن يغزو به ولا يشارك به في شقص: وقوله: "لخزنة الكعبة"، جمع خازن وهم أمناؤها وأصحاب حلها وعقدها، ويقال لهم سدنة وحجبة، ومنصبهم يقال له حجابة وخزانة بكسر الخاء وسدانة وهي منصب بني شيبة، ولاهم رسول الله -صلى الله عليه


(١) أخرجه البخاري بهذا اللفظ معلقا كتاب الهبة، وبرواية أخرى العائد في هبته كالكلب يقيئ ثم يعود في قيئه رقم الحديث ٢٥٨٩.