لم يراع علم الحالف بأن الوكيل من ناحية الموكل بل الحنث منوط بكون الوكيل من ناحية الموكل علم الحالف بذلك أم لا، وعلى اعتبار العلم يقبل قوله إنه لم يعلم إن كانت يمينه بما لا يقضى عليه به أو بما يقضى عليه به، كيمين الطلاق أو العتق المعين، لكن إذا اشتهر أنه وكيل المحلوف عليه لم يقبل في الطلاق والعتق المعين مع المرافعة، وإنما اشترط في الحنث كون الوكيل من ناحية الموكل؛ لأنه إذا كان من ناحيته فكأن الضمان للموكل، فلا يقال الوكيل لم يقصده الحالف ولم يشمله لفظه.
وقوله: تأويلان مبتدأ حذف خبره أي في ذلك تأويلان، ومحلهما حيث لم يعلم الحالف أن المضمون وكيل للمحلوف عليه، فإن علم حنث باتفاق التأويلين علم أنه من ناحيته أم لا.
وتحصل مما مر أن صورة المسألة أنه حلف لا يضمن زيدا أي حلف لا يتحمل بما في ذمته، فاشترى الوكيل لزيد سلعة بثمن في الذمة فضمن الحالف لبائع السلعة ثمنها لكي يسلم بائع السلعة لوكيل زيد، وهذا الذي قررت به المص نحوه لعبد الباقي وهو خلاف ما قرره به البناني، فإنه قال ما نصه: أشار به لقول المدونة: ومن حلف أن لا يتكفل لفلان بكفالة فتكفل لوكيل له ولم يعلم، فإن لم يكن الوكيل من سبب فلان وناحيته لم يحنث الحالف. انتهى. وعليه فاللام في قوله:"لوكيل"، وفي قوله:"له" للتعدية لا زائدة كما يؤخذ من تقرير الزرقاني حيث جعل الوكيل مضمونا لا مضمونا له، وكذا موكله فإنه خلاف ظاهر المص: وخلاف صورة المدونة انتهى ونسخة عبد الباقي ليس فيها له، ولا مانع من شمول المص للمسألتين فإنهما سواء فلا فرق بينهما. قاله مقيده عفا الله عنه. والله تعالى. أعلم.
وقال الشيخ المحقق الأمير: وبضمانه لوكيله في لا أضمن له إن علم الوكالة أو كان كصديقه وقريبه، وهل يشترط علم الحالف بالصداقة ونحوها؟ قولان. انتهى. وهو صريح في أنه يحنث بالضمان للوكيل حيث علم الحالف بالوكالة، وإن لم يكن الوكيل من ناحية الموكل. والله سبحانه أعلم.
وبقوله ما ظننته قاله لغيري لمخبر في ليسرنه؛ يعني أن عمرا -مثلا- إذا حلف ليكتمن خبرا أعلمه به زيد مثلا، ثم إن زيدا أعلم به بكرا مثلا، فقال بكر لعمرو الحالف: زيد أعلمني بكذا