للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحنث بتكليمه ولو بعد سنين كثيرة، وفي بعض النسخ بأو، وهي أفيد وأحسن. قاله الشيخ إبراهيم.

وعلم مما قررت أن معنى قوله: "أبدا" في جميع ما يستقبل من الزمان؛ لأن أبدا ظرف لاستغراق ما يستقبل من الزمان، وإنما حنث بالكلام أبدا في حلفه لا أكلمه الأيام حملا للألف واللام على الاستغراق. واعلم أنه لا خصوصية للكلام بهذا الحكم، بل يجري مثله في غيره كلا ألبسه أو لا أركبه. قاله الشيخ الخرشي. والله سبحانه أعلم.

أو الشهور؛ يعني أن من حلف لا كلم زيدا الشهور يحنث بتكليمه له في جميع ما يستقبل من الزمن ولو بعد من اليمين جدا، حملا للألف واللام على الاستغراق، ومثل الشهور الأشهر، فلا فرق بين جمع القلة والكثرة، ولو اقتصر على الأيام لفهم منه الشهور من باب أولى، لكن أتى به. -والله سبحانه أعلم- للرد على القول بلزوم سنة فقط في مسألة الشهور ولا يحنث بتكليمه بعدها، قال: لقوله تعالى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا}، وذلك مردود بأن المقصود من الآية نفي الزيادة التي كانت تعتقدها الجاهلية من النسي والأيمان مبنية على العرف. انظر الخرشي. وقوله: "وبالكلام أبدا في لا أكلمه الأيام"، مثل ذلك ما لو حلف لا يكلمه السنين فإنه يحنث بتكليمه له أبدا. واعلم أن حنثه في المسائل الثلاث؛ أي مسألة الأيام ومسألة الشهور ومسألة السنين بالكلام أبدا محله حيث لا نية كما هو واضح.

وثلاثة في كأيام؛ يعني أنه لو حلف لا أكلم زيدا أياما بالتنكير فإنه يترك كلامه في ثلاثة أيام من وقت الحلف، ولا يحسب يوم الحلف منها إن سبق بالفجر، لكن إن كلمه فيه حنث، كما أنه إن كلمه في وقت من الأيام الثلاثة بعده ليلا أو نهارا فإنه يحنث، فإن حلف بما ذكر قبل الفجر أو معه حسب، فيحنث إن كلمه ما بقي يوم من الأيام الثلاثة. وإلغاؤه إن سبق بالفجر قول ابن القاسم، وقيل يحسب من وقت الحلف للغروب ويكمل من اليوم الذي يلي اليومين بعده كما هو ظاهر صدر نظم التتائي في السفر حيث قال:

يلفق بعض اليوم لليوم قبله … وقد صح لا تلفيق فاحفظه ترفع