السلطان أو الوصول إليه، واختلاف الشيوخ إنما هو عند فقد وكيل التقاضي ووكيل التفويض كما أفاد ذلك بقوله: ثُمَّ وإلى هذا الثاني أشار بقوله: أو إن عدم الحاكم.
واعلم أن كلام المص يقتضي أن التأويل الأول قائل بتقديم وكيل الضيعة على الحاكم، والنقل أنهما سواء في بر الحالف بدفعه لأحدهما، فالتأويلان هل الحاكم ووكيل الضيعة سواء؟ أو الحاكم مقدم عليه؟ وهذا الثاني هو الراجح. انتهى.
وعليه الأكثر؛ يعني أن القول بأنه لا يبر بدفعه لوكيل الضيعة إلا عند عدم السلطان أو الوصول إليه هو الذي عليه الأكثر من الفقهاء، وقوله: تأويلان مبتدأ حذف خبره؛ أي في ذلك تأويلان، وألحق أبو عمران الصديق الملاطف بوكيل الضيعة، والضيعة العقار كما في القاموس، وعن ابن مرزوق أن وكيل الضيعة هو الذي يتولى شراء النفقة للدارمن لحم وصابون وغيرهما.
قال الشيخ عبد الباقي: ولما كان [البر (١)] من اليمين حاصلا بقضاء الأشخاص الأربعة، والبراءة من الدين حاصلة بالأولين دون الثالث وفيها في الرابع تفصيل، أشار إليه بقوله: وبرئ في الحاكم؛ يعني أن الحالف كما يبر بالدفع للحاكم في يمينه، يبرأ من الدين بالدفع للحاكم عند فقد الأولين، والمراد بالحاكم السلطان أو القاضي أو الوالي، ومحل براءة الحالف من الدين بالدفع للحاكم. إن لم يحقق، الحالف جوره أي الحاكم؛ بأن علم عدله أو جهله، وظاهره وإن كان جائرا في نفس الأمر أو عند الناس، وهذا على أن "يحقق" فعل مضارع مبني للفاعل. وانظر هل يقبل قوله أنه كان لا يحقق جوره أو ينظر لشهرته؟ وإلا بأن حقق الحالف جور الحاكم بر بالدفع إليه في يمينه، ولا يبرأ من الدين إلا بالدفع لوكيل التقاضي أو وكيل التفويض لا بالدفع لوكيل الضيعة.
وشبه في البر دون البراءة قوله: كجماعة المسلمين يشهدهم؛ يعني أنه إذا لم يكن وكيل ولا سلطان أو كان سلطان وهو جائر، أو لا يقدر على الوصول إليه، فإنه يبر في يمينه بأن يأتي لجماعة المسلمين بالحق ويشهدهم على وزنه إن كان التعامل وزنا وعدده، ويرجع به بعد ذلك إلى داره. وفي الحطاب أنه لو دفع الحق إلى رجل من المسلمين فأوقفه على يديه، فإنه يبر إذا لم، يكن
(١) في النسخ البرء والمثبت من عبد الباقي ج ٣ ص ٨٤.