كأن لم يبرزها؛ يعني أن الإمام إذا لم يبرز أضحيته بأن لم يخرجها إلى المصلى ليذبحها بعد صلاته وخطبتها، فإن لم يتوان عن الذبح فالأمر ظاهر أي يعيد من سبقه أو وافقه، وإن توانى عن الذبح فإن ذلك إما أن يكون لغير عذر أو لعذر كالجهاد مثلا، فإن توانى بلا عذر أي تأخر عن الذبح لغير عذر بل اختيارا، فإنه ينتظر قدره؛ أي قدر الزمن الذي يذبح فيه الإمام، أي يؤخر إلى أن يكون ذبحه في وقت لو أبرز الإمام أضحيته وذبحها يكون ذبحه بعده.
وقد مر أن الإمام يذبح بعد أن ينزل عن المنبر وتذبح الناس بعده.
وبما قررت علم أن قوله:"قدره"، ظرف متعلق بمحذوف. وبه انتظر للزوال، هذا مفهوم قوله:"بلا عذر"؛ يعني أن الإمام إذا كان تأخيره الذبح لعذر كاشتغاله بقتال عدو أو غيره، فإن الناس ينتظرون بذبحهم الإمام كي يذبح فيذبحوا بعد ذبحه إلى أن يخافوا خروج وقت الصلاة بسبب زوال الشمس بحيث يبقى قدر ما يذبحون قبل الزوال، ليلا يفوت الوقت الأفضل في اليوم الأول. ابن رشد: وكان يجري لنا البحث هل من العذر طلب الإمام للأضحية بشراء أو نحوه؟ انتهى. ولو ضحى معتقدا أن لإمامه عذرا وتبين عدمه فإنها تجزئ، كما إذا ذبح معتقدا أن لا عذر له فتبين أن له عذرا في نفس الأمر عملا بما تبين في الأولى وعملا باعتقاده في الثانية، كذا يظهر في المسألتين. انظر شرح الشيخ عبد الباقي. وفيه أيضا: وانظر إذا لم يكن أقرب إمام أو كان وتعذر تحريه، هل يذبح بعد أن يصلي العيد أو يؤخر لقرب الزوال أو يذبح في أي وقت شاء؟ انتهى. وفي كتاب الشيخ الأمير ما يفيد حكم هذا المنظر فيه، فإنه قال: وإن لم يخرجها فإن توانى عن الذبم لعذر كالجهاد انتظر حتى يبقى للزوال قدر الذبح، وإلا أخر قدر ذبحه كمن لا إمام لهم يضحي بأن لا يكون أصلا أو يكون ولا يضحي. انتهى.
قال جامعه عفا الله عنه: فتحصل مما مر أن الإمام إذا أبرز أضحيته أي -أخرجها للمصلى- ليذبحها بعد الصلاة والخطبة فيعلم الناس بذبحه فيذبحوا بعد ذبحه، فإنه يعيد من سبقه أو ساواه، وتجري فيه الصور التسع المتقدمة في الإحرام والسلام، وهذا الحكم جار فيمن له إمام تلزمه جمعته، ولا عبرة بالتحري في هذا، فمتى حصلت المساواة أو السابقة أعاد استنانا، فإن بعد منه الأئمة بحيث لا تلزمه جمعة أحدهم فإنه يتحرى قدر ذبح أقربهم إليه، وتجزئه إن تبين