للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتحرى أقرب الأئمة إليه، وقد مر أن ابتداء وقت الضحية لمن لم يضح إمامه بعد الصلاة أو الخطبة، ولم يقيد بغير من له أقرب إمام والله سبحانه أعلم.

لآخر الثالث؛ يعني أن وقت الذبح والنحر ابتداؤه من ذبح الإمام أو نحره، ويستمر وقت الذبح لهم وللإمام إلى آخر اليوم الثالث من أيام النحر، ويفوت وقت ذبح الضحية ونحرها بغروب الشمس من اليوم الثالث على الإمام وغيره، فالحاصل أن الأيام الثلاثة يوم الصلاة واليومين بعده أوقات التضحية للإمام وغيره، فلا تفوت حتى تغرب الشمس من اليوم الثالث وأن ابتداء وقت الذبح والنحر مختلف، فالإمام وقت ذبحه بعد الصلاة والخطبة، وغير الإمام ابتداء وقت ذبحه من ذبح الإمام الكائن بعد الصلاة والخطبة إن ذبح وإلا فالمعتبر قدر ذلك والصلاة على ما مر. والله سبحانه أعلم.

فتحصل من هذا أن ابتداء الذبح مختلف وانتهاؤه متفق وبالله تعالى التوفيق. وفي الحديث: (من ذبح قبل الصلاة فإنما هي شاة لحم (١))، وفيه أيضا (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم النحر بالمدينة فتقدم رجال فنحروا وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحر، فأمر كل من نحر قبله أن يعيد ولا ينحر حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم (٢) وقال الحسن في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}. نزلت في قوم ذبحوا قبل أن ينحر النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله: "من ذبح الإمام" اعلم أنه اختلف فيمن زبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام، فذهب مالك والشافعي والأوزاعي إلى أنه لا يجوز للحديث المتقدم، وقيل: يجوز ذلك، وأما قبل الصلاة فقد قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن الذبح لأهل الحضر لا يجوز قبل الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: من ذبح قبل الصلاة فإنما هي شاة لحم. انظر الشارح. وفي الحطاب قال مالك: والصواب ذبح الإمام كبشه بالمصلى بعد نزوله عن المنبر ثم يذبح الناس بعده في منازلهم، ولغير الإمام ذبح أضحيته بالمصلى بعد الإمام. انتهى.


(١) القرطبي، ج، ١٢، ص ٤٢.
(٢) مسلم رقم الحديث ١٩٦٤.