للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي ذبح كتابي لمسلم قولان؛ يعني أن ما ذبحه الكتابي أو نحره وهو ملك لمسلم فيوكله على ذبحه أو مشترك بينهما في إباحة أكله ومنعه قولان، وفيه قول ثالث بالكراهة، وما ذكره المص يجري في الضحية لكن لا تجزئ ضحية، وتعليل الباجي حرمة ما لا يستحله بأنه لا ينوي الذكاة يفيد أنه لا فرق في التحريم السابق بين أن يذبح ما لا يستحله لنفسه أو لغيره. قاله الشيخ محمد بن الحسن. وحينئذ فتجري فيه الأقوال المتقدمة عن ابن عرفة. والله أعلم. ومفهوم قوله: "لمسلم"، أن ذبحه لكافر لا يكون حكمه كذلك وهو كذلك، وحكمه أنه إن ذبح ما لا يحل لكل منهما اتفق على عدم صحة ذبحه، وإن ذبح ما يحل لكل منهما اتفق على صحة ذبحه. قاله الشيخ عبد الباقي.

ولما أنهى الكلام على النوعين الأولين من أنواع الذكاة وقدمهما لتعلقهما بالإنسي غالبا المأنوس إليه دون الوحشي، أتبعهما بالكلام على النوع الثالث وهو الصيد المتعلق بالوحشي، فقال: وجرح مسلم، جرح بفتح الجيم مصدر، وهو عطف على "قطع"، الذي هو خبر "الذكاة"؛ يعني أن جرح المسلم ذكرا أو أنثى للوحشي بما سيذكره سبب في إباحة أكله بالشروط الآتية، والمراد بالجرح الإدماء ولو في الأذن مع شق الجلد أم لا، لا شق بدون إدماء في الصحيحة، بخلاف المريضة فتوكل بذلك. قاله الشيخ عبد الباقي. وقوله: لا شق الخ، قال الشيخ محمد بن الحسن بناني: انظر هذا التفصيل، ويأتي له عند قول المص "أو عض بلا جرح" ما يفيد أنه لا يكون الشق دون إدماء إلا في المريض وهو الظاهر. واعلم أن شروط الصيد تسعة، ثلاثة في الصائد، وثلاثة في المصيد به، وثلاثة في الصيد، ونظمها ابن غازي فقال:

كل صيد مسلم صحيح الذبح … غير مفرط بنحو الرمح

أو جارح معلم ومرسل … من يده بصيده مشتغل

يصيد مرءيا أخا امتناع … يموت من جرح بلا نزاع