انتهى. وكل ما ذكر من الشروط إنما يشترط في صيد البر إذا فات أو أنفذ مقتله، فأما البحري فيؤكل ولو فات أو قتله كافر، وأما ما لم ينفذ منه مقتل من البري وقدر عليه فيذكى، ويشترط في ذكاته ما يشترط في الإنسي: أشار له الحطاب. والله أعلم.
واحترز بقوله:"مسلم": من الكافر، فإنه لا يؤكل صيده كتابيا أو غيره؛ لأن الصيد رخصة لقوله تعالى:{تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ}؛ على أن المراد بهذه الآية إباحة الصيد، وأما على أن المراد بها المنع فلا دليل فيها على الإباحة، فمعنى الابتلاء حينئذ الاختبار هل يصبر عنه أم لا؟ لقوله تعالى:{لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وذهب أشهب وابن وكعب وجماعة إلى عدم اشتراط الإسلام لعموم قوله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}، لكن سياق الآية يدل على مذهب الجمهور؛ لأنه قال:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}، ثم قال:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}، والظاهر كراهة صيد من تكره ذكاته كالخصي والخنثى والفاسق. قاله الحطاب. ابن عرفة: ابن حبيب: أكره صيد الجاهل لحدود الصيد غير متحر صوابه. انتهى. وإضافة جرح إلى مسلم من إضافة المصدر إلى فاعله، وحد ابن عرفة الصيد فقال: الصيد مصدرا أخذ مباح غير مقدور عليه من وحش طير أو حيوان بري أو بحري بقصد ملكه، فلا يتوهم إضافة أخذ لفاعله واسما ما أخذ من مباح أكله غير مقدور عليه من وحش طير أو حيوان بري أو بحري بقصد. انتهى. ومعنى بقصد: بنية الاصطياد، وهو راجع لما قبل بحري، واحترز بقوله:"جرح"، عما إذا مات بخنق أو حبالة أو من خوف أو جري أو عض أو صدم بلا جرح كما يأتي.
وتحصل مما مر أن الكافر لا يؤكل صيده اتفاقا في المجوسي، وعلى المشهور في الكتابي.
مميز؛ يعني أنه يشترط في إباحة الصيد أن يكون الصائد مسلما كما مر، مميزا لا صبيا غير مميز وإلا مجنونا ولا سكرانا ولو كان يخطئ ويصيب وادعى الصيد حال الإفاقة، ويجري هنا نحو ما تقدم في ذبحه، والمشهور أن المرأة والمميز كالبالغ، وكرهه أبو مصعب.
ولما تكلم على الصائد تكلم على الصيد، فقال: وحشيا؛ يعني أنه يشترط في إباحة الصيد بالجرح أن يكون المجروح وحشيا لا إن كان إنسيا كما يأتي، وقوله:"وحشيا"، معمول "جرح"،