للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلام ابن فرحون قصور، والتقبيل بعد طواف الوداع ذكره في الواضحة، ونقله الحطاب عند قوله "ودعاء بالملتزم"؛ وقال سند: يستلم الركن بعده ثم يقف، ويقول: اللهم إني قصدت حج بيتك راجيا لعفوك ومغفرتك ورضوانك، قاضيا لما وجب علي من فرض ذلك، فمننت علي أن بلغتني بيتك ومعالم حجه وأشهدتني مشاهده؛ وهذا أوان رجوعي ووداعي بيتك، فإن كنت يا رب غفرت لي ورضيت عني، وإلا فامنن علي بعفوك ومغفرتك ورضوانك الآن في موطني هذا، ولا تخيب سعيي ولا تقطع رجاءي وأوجب لي التوفيق بطاعتك والعصمة من معصيته بقية عمري، ثم يقبل الحجر أو يستلمه أو يستقبله، ويقول: لا إله إلا الله والله أكبر، أستودع الله تعالى هذا البيت، وأستودعه ديني وخواتم عملي. انتهى.

وتأدي بالإفاضة؛ يعني أن طواف الوداع يتأدى بطواف الإفاضة، ومعنى ذلك أن طواف الوداع ليس مقصودا لذاته، بل المقصود أن يكون آخر عهده المبيت، فأي طواف كان أجزأه فرضا أو تطوعا. نص عليه اللخمي وغيره. فإذا طاف للإفاضة ثم خرج من فوره فإنه لا يستحب له أن يطوف للوداع. والعمرة؛ يعني أن طواف الوداع يتأدى بطواف العمرة، فإذا طاف للعمرة ثم خرج من مكة بأثر سعي العمرة فإنه لا يستحب له أن يطوف للوداع.

وعلم مما قررت أن سعيه للعمرة بعد طوافها لا يكون طولا، ومحل كونه لا يطلب بطواف الوداع بعد الإفاضة والعمرة إنما هو حيث لم يقم بعدهما إقامة تبطل حكم التوديع، وسيأتي بيان الإقامة التي تبطل حكم التوديع، ومعنى قوله: تأدى أنه يسقط الطلب بطواف الوداع، ويحصل له فضله إن نواه بالإفاضة أو العمرة قياسا على تحية المسجد بفرضه. قاله عبد الباقي وغيره.

ولا يرجع القهقري؛ يعني أنه إذا طاف للوداع أو غيره وخرج بإثر ذلك، فإنه لا يستحب له أن يرجع القهقرى، بأن يرجع ووجهه إلى البيت وظهره لخلف كما تفعله الأعاجم والأروام ونحوهم إلى أن يتواروا عن البيت لعدم الوارد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل يكره رجوعه القهقرى أو هو خلاف الأولى، وكذا يقال في القهقرى في زيارة الروضة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وإذا كان الأمر في رجوع القهقرى كذلك فإنه يخرج موليا ظهره للبيت.