للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبطل بإقامة بعض يوم؛ يعني أنه إذا طاف للوداع ثم أقام بمكة بعض يوم والمراد به ما فوق الساعة الفلكية، فإنه يبطل كونه للوداع مع صحته في نفسه، وعدم بطلان ثوابه، فيطالب بطواف آخر للوداع إذا أراد الخروج. وقد علمت أن قوله: "بإقامة بعض يوم"، معناه: بمكة، فلو أقام بذي طوى أو بالأبطح لم يبطل وداعه كما لعبد الباقي والشبراخيتي، وعبارة الشبراخيتي: ويستفاد من كلامهم أن الإقامة خارج مكة بموضع يتم فيه المسافر ليس حكمه حكم الإقامة بها. انتهى. والله سبحانه أعلم. لا بشغل خف؛ يعني أنه إذا فعل فعلا خفيفا بعد طواف الوداع من بيع أو شراء أو غيرهما، فإن ذلك لا يضره، وطواف وداعه باق لم يبطل، قال فيها: يسير شغله بعده قبل خروجه لا يبطل، فقوله: "لا بشغل"، عطف على بإقامة.

واعلم أن المسافر من مكة لا يقصر حتى يجاوز ذا طوى. ابن الحاجب: ولو بَرَزَ بهِ الكَرِيُّ إلى ذي طوى فأقام ليلته ويومه لم يرجع، وإن كان من مكة لأنه وداع في العادة؛ إذ قد عهد في السفر أن يقيم المسافر بطرف البلد ثم يسير منه. انتهى. ورجع له إن لم يخف فوات أصحابه؛ يعني أنه إذا قلنا ببطلان طواف الوداع وإن كان صحيحا في نفسه؛ أي ببطلان كونه للوداع أو تركه جملة، فإنه يرجع لطواف الوداع فيفعله حيث لم يبعد ما لم يخف فوات أصحابه الذين يسير بسيرهم أو يمنعه كريه، وإلا فلا يرجع له، وإن حاضت المرأة أو نفست قبل طواف الوداع يفوت، ولا تقيم حتى تطهر؛ لأنه ساقط عنها. قاله في المدونة. سند: فإن طهرت بعد خروجها رجعت إن كانت بقرب مكة وأمكنها الرجوع، قوله: "ورجع" الخ، قال ابن عرفة: ويرجع له من لم يبعد، وفيها: رد له عمر من مر الظهران، ولم يحد له مالك أكثر من القرب، وأرى أن يرجع ما لم يخف فوات أصحابه أو يمنعه كريه. الشيخ: من بلغ مر الظهران لم يرجع له، ومر الظهران واد بينه وبين مكة مسيرة ستة عشر ميلا، وقيل: ثمانية عشر، وقيل: إحدى وعشرون، ونقل عن الكندي أن مر اسم قرية في الأصل، والظهران اسم للوادي.

وحبس الكري والولي لحيض أو نفاس قدره؛ يعني أن المرأة مبتدأة أو معتادة إذا حاضت أو نفست قبل أن تطوف طواف الإفاضة، فإن كَرِيَّها ووليها يُحْبَسُ كل منهما؛ أي يجبر على إقامته معها مقدار حيضها أو مقدار نفاسها، فيحبس في حيض المبتدأة خمسة عشر يوما، وفي