للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاقتضاء دين أو زيارة أهل، وأما إن كانت نيته الإقامة طويلا أو ذهب لمسكنه فإنه يندب له طواف الوداع، قال الشبراخيتي: ويستثنى ممن خرج لمكان بعيد المتردد لمكة بالحطب ونحوه فلا وداع عليه ولو خرج لمكان بعيد، وكذا يستثنى منه المتعجل. انتهى.

ونحوه للخرشي. وعبد الباقي. وهو غير صحيح بالنسبة للمتعجل كما ذكره بناني، فإنه قال: حاصل ما ذكروه مع كلام المصنف أن الخارج من مكة إن قصد التردد لها فلا وداع مطلقا، وإن خرج لاقتضاء دين، فإن خرج لنحو أحد المواقيت وَدَّعَ ولدونها كالتنعيم لا وداع، وسواء في ذلك المتعجل وغيره؛ إذ لا تعلق لطواف الوداع بالحج، ولا هو من المناسك حتى يفرق فيه بين المتعجل وغيره لاتفاقهم على أن من قصد مكة لا يؤمر به، وفي التوضيح: وليس من شرط الأمر به أن يكون مع أحد النسكين، بل يؤمر به كل من أراد سفرا مكيا كان أو غيره، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم، قال: (لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت (١)). انتهى.

وإن صغيرا؛ يعني أن طواف الوداع يؤمر به الحر والعبد والصغير والكبير والذكر والأنثى، وظاهر المصنف: ولو كان الصغير غير هميز فيفعله عنه وليه.

تنبيه: يستحب لمن فرغ من ركعتي طوافه أي الوداع أن يقف بين الركن والمقام، فيحمد الله تعالى ويشكره على ما من عليه، ويجتهد في الدعاء فإنه موضع رغبة، وليقل إن شاء: اللهم إنك حملتني على ما سخرت بنعمتك لعبادك، وما كانوا له مقرنين حتى بلغتني بيتك الحرام، فإن كنت يا رب قد قبلت ورضيت فازدَدْ علي رضى، وإلا فالآن قبل أن أبعد عن بيتك غير متبدل بك ولا راغب عنك، اللهم قني شر نفسي وكل ما ينقص أجري أو يحبط عملي، واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة.

ابن فرحون: لطواف الوداع ركعتان إن تركهما حتى تباعد أو بلغ بلده ركعهما ولا شيء عليه، وإن قرب وهو على طهارته رجع لهما، وإن انتقض وضوءه ابتدأ الطواف وركعهما، وإن كان بعد العصر ركعهما إذا حلت النافلة في الحرم أو خارجه، ولم يذكروا أنه يقبل الحجر بعد طواف الوداع قبل خروجه من المسجد كما قالوه عند خروجه للسعي وهو حسن، قال محمد بن الحسن:


(١) لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت. مسلم، كتاب الحج، رقم الحديث: ١٣٢٧.