للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما جمرة العقبة فإنه إذا رماها ينصرف ولما يقف عندها للدعاء لعدم الوارد في ذلك. ابن الحاجب: يبدأ بالجمرة التي تلي مسجد منى فيرميها من فوقها مما يلي مسجد منى، ثم يتقدم أمامها. وقوله: "ووقوفه"، قال الشبراخيتي: فيستقبل الكعبة، وفي رفع يديه قولان، قال الموضح: مذهب المدونة عدم الرفع. انتهى. وهو الذي قررت عليه أولا، وضعف ماله رفع اليدين في جميع المشاعر والاستسقاء، وقد ريء رافعا يديه في الاستسقاء، وقد جعل بطونهما إلى الأرض. ياسره في الثانية؛ يعني أنه يستحب للرامي إذا رمى الجمرة الثانية وهي الوسطى أن يتياسر عنها بحيث يقف في جهة يسارها كما في عبارة ابن المواز، ومثله في عبارة ابن شأس وابن الحاجب، ومستند هذه الكيفية كما في التوضيح الاتباع، وفي البخاري من حديث ابن عمر: (ثم يرمي الوسطى فيأخذ ذات الشمال فيسهل (١) الخ، قال ابن حجر: قوله: يأخذ بذات الشمال؛ أي يمشي إلى جهة شماله ليقف داعيا في مكان لا يصيبه الرمي، ويلزم من كونه في جهة يسارها أن تكون هي في جهة يمينه. قاله محمد بن الحسن. وقال عبد الباقي والشبراخيتي: وتياسر في وقوفه للدعاء عند الجمرة الثانية، والمراد أنه يتقدم أمامها بحيث تكون جهة يساره حال وقوفه للدعاء بعد رميها، لا أنه يجعلها في مقابلة يساره. انتهى. وقال الشبراخيتي عقب هذا: ويرميها من فوقها مما يلي مسجد منى كالأولى، ولا يرفع يديه ولا يجعلها خلف ظهره، ثم يثلث بجمرة العقبة إلا أنه يرميها من أسفلها من بطن الوادي ولا يقف للدعاء، فتلك السنة.

قال الباجي: ويحتمل من جهة المعنى أن موضع الجمرتين الأوليين فيه سعة للقيام لمن يرمي، وجمرة العقبة موضع ضيق، ولذلك لا ينصرف الذي يرميها على طريقه؛ لأنه يمنع الذي يأتي الرمي: وإنما ينصرف من أعلى الجمرة. انتهى. ونازع بناني في قولهما: بحيث تكون جهة يساره؛ وقال: فيه نظر. وقال الكلام الذي قررتُ به المصنف. وانظر ما تقدم عن مالك من تضعيفه رفع اليدين، مع ما في البخاري من ثبوت رفع اليدين في الجمرتين الأوليين (٢))، ولذا قال ابن المنذر


(١) في الأصل: بذات الشمال فيسئل، والمثبت من البخاري، رقم الحديث: ١٧٥٢.
(٢) البخاري، كتاب الحج، الحديث: ١٧٣١.