فيما نقل عنه ابن حجر: لا نعلم أحدا أنكر رفع اليدين في الدعاء عند الجمرة إلا ما حكاه ابن القاسم عن مالك. انتهى.
وتحصل مما مر أنه يرمي الجمرتين الأوليين من فوقهما والعقبة من أسفلها، وأنه يقف في الجمرتين الأوليين للدعاء مما يلي مسجد منى، وأنه لا يتياسر في الأولى بل يجعلها خلف ظهره، ويقف للدعاء مستقبل القبلة، وأنه يتياسر في الثانية فيقف في جهة يسارها، ومن لازم ذلك أن تكون في جهة يمينه على ما قال محمد بن الحسن، أو يقف بحيث تكون جهة يساره على ما لعبد الباقي والشبراخيتي وقد علمت أن بناني أنكره، وأنه لا يقف في العقبة. والله سبحانه أعلم. وفي المدونة: ويرمي الجمرتين جميعا من فوقهما والعقبة من أسفلها، فيقف في الجمرتين مما يلي مسجد منى.
وتحصيب الراجع؛ يعني أنه يستحب للراجع من منى لمكة أن يحصب؛ أي ينزل المحصب وهو ما بين الجبلين منتهيا للمقبرة التي بأعلى مكة، سمي بذلك لكثرة الحصباء فيه من السيل، ويسمى أيضا الأبطح لانبطاحه، واستحب نزول المحصب؛ (لأن النبي صلى الله عليه وسلم نزل به (١))، واستحباب التحصيب ثابت للمكي وغيره، والنزول المستحب يستمر ليصلي؛ أي إلى أن يصلي به أربع صلوات: الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وَنَدْبُ التحصيب إنما هو لغير التعجل على الأصح، وأما المتعجل فلا يندب له ظاهره ولو مقتدى به، ومحله أيضا في غير الجمعة، وإلا ترك النزول به ودخل مكة لصلاة الجمعة. قاله عبد الباقي. لكن زدت فيه بعض الإيضاح، وقال الشبراخيتي: وسبب النزول بالمحصب فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وحينئذ فاللام في "ليصلي"، ليست للعلة بل للغاية؛ أي غاية النزول به إلى أن يصلي أربع صلوات؛ لأن المحصب هو الموضع الذي تحالفت فيه قريش على أنهم لا يبايعون بني هاشم ولا يناكحونهم ولا يأخذون منهم ولا يعطونهم، فنزله صلى الله عليه وسلم وذكر الله تعالى فيه شكرا له حيث ظَفَّره الله تعالى ونصره على أعدائه، وكان مجلسا لسوء جعله الله تعالى