للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مقيد هذا الشرح عفا الله تعالى عنه: وإذا كان يفعل بعض القضاء لضيق الوقت، فالذي يظهر تقديمه على الأداء لوجوب تقديم القضاء على الأداء مع اتساع الوقت، وفي الخبر: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه بما استطعتم (١))، وقد استظهر الأجهوري أنه يأتي ببعض القضاء مع الأداء في هذا الفرض، قال: ورأيت في ابن عمر ما يوافقه، وقوله: "وأعادما حضر" حكى ابن شأس قولا أنه لا يعيد ما رماه في يومه. قاله الحطاب.

ولما ذكر أن ترتبهن شرط، ذكر أن الفورية مندوبة، فقال: وندب تتابعه؛ يعني أنه يندب تتابع رمي الجمار الثلاث؛ أي الإتيان برمي كل جمرة عقب الأخرى فورا؛ بأن يرمي الثانية عقب الأولى بكمالها، والثالثة عقب الثانية بكمالها، فلا يتكرر مع ما تقدم من قوله: "وتتابعها"؛ لأن ما مر في تتابع الحصيات في كل جمرة كما هو الأنسب، بقوله: "ولقطها"، فلا يؤخر بعض الجمرات عن بعض إلا بقدر ما سيأتي من التتابع.

وعلم مما قررت أن التتابع بمعنى الموالاة، وله صورتان: تتابع بين الحصيات وهذا هو الذي قدمه المصنف بقوله: "ومتابعتها"، وتتابع بين الجمرات بأن يرمي الثانية، على فور الأولى والثالثة على فور الثانية وهذا هو المراد هنا، ولو اقتصر على أحدهما لكفاه. والله سبحانه أعلم.

ولما ذكر أن ترتيب رمي الجمرات واجب، وأن الفور مستحب رتب عليهما، قوله: فإن رمي بخمس خمس اعتد بالخمس الأول؛ يعني أنه إذا رمي الجمار الثلاث في أي يوم من أيام منى بخمس خمس بأن رمي كل جمرة بخمس حصيات وترك من كل منها حصاتين، فإنه يعتد بالحصيات الخمس من الجمرة الأولى فيكملها بحصاتين حيث لم يخرج وقت الرمي، وهو اليوم الثالث من أَيام منى، وإذا اعتد بالخمس الأول من الجمرة الأولى فإنه يلغي خمس الجمرة الوسطى وخمس العقبة فيرميهما سبعا سبعا، وسواء كان ذلك سهوا أو عمدا بناء على أن الفور ليس بواجب، ولا هدي عليه إذا فعل ذلك في اليوم الذي ذكر فيه الحصاتين من كل جمرة، وعليه إن فعله من الغد، وإنما لم يعتد بما فعل بعد الخمس الأول لأنه لم يكمل الأولى، فلم يحصل الترتيب فيبطل رمي الثانية والثالثة.


(١) البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، الحديث: ٧٢٨٨. ومسلم، كتاب الحج، الحديث: ١٣٣٧. ولفظهما: فأتو منه ما استطعتم.