للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدليل على التعميم في الصور الخمس قول الصحابي: فما سئل عن شيء الخ، لكنه يشمل الصورتين اللتين قدم المصنف أن فيهما الدم، ولذا قال ابن حجر عن الطبري: فيه رد على مالك في حمله نفيَ الحرج على نفي الإثم مع لزوم الدم فيهما أي الفدية في الأولى والدم في الثانية، وعلى نفي الإثم والدم فيما عداهما: وأجاب الأبي عن مالك بأن الدم أي الفدية في الأولى تخص عموم الخبر المار، لقاعدة أخرى وهي أن في تقديم الحلق على الإفاضة إلقاء التفث عن المُحْرِمِ، وأجاب القسطلاني عن الصورتين بجواب بُحِثَ فيه، وفي حديث ابن عمر عند الدارقطني: (أفضت قبل أن أرمي، قال: ارم ولا حرج (١)). نقله في التوضيح عن ابن عبد السلام.

وعاد للمبيت بمنى؛ يعني أنه إذا طاف للإفاضة يلزمه أن يعود لمنى للبيات فيها، فالعود لمنى واجب لكنه لا يجب فورا بل يجوز التأخر عنها نهارا بعد الإفاضة، لكن الفور أفضل ولا يمضي من منى إلى مكة: ويلزم مسجد الخيف للصلوات أفضل، ولو طاف للإفاضة يوم الجمعة فالأفضل له أن يرجع إلى منى ولا يصلي الجمعة، وقوله: "للمبيت" مصدر ميمي، "والباء" في "بمنى" بمعنى: في، وهو متعلق بالمبيت. والله سبحانه أعلم.

فوق العقبة، الظرف متعلق بالمبيت؛ يعني أنه إذا عاد من مكة لمنى لأجل البيات بها فإنه يسن له أن يبيت فيها فوق جمرة العقبة من ناحية منى لا من أسفلها من ناحية مكة، فإنه لا يجوز لأنه ليس من منى، ثلاثا معمول للمبيت؛ أي يعود من مكة إلى منى فيبيت بها ثلاث ليال إن لم يتعجل، وهو معنى قوله عز وجل: {وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}، وحذف التاء لأنها ليال كما أشعر به قوله: "للمبيت" قاله الشبراخيتي.

وحاصل ما أشار إليه المصنف أن الذي يفعله الحاج بمنى يوم النحر أن يرمي جمرة العقبة حين وصوله إليها، ثم يذبح هديه إن كان معه هدي، ثم يحلق رأسه، ثم يأتي إلى مكة لطواف الإفاضة سبعة أشواط لا يرمل في ذلك ولا يسعى بين الصفا والمروة إن كان قد سعى بعد طواف القدوم: فإذا طاف طواف الإفاضة فإنه يلزمه أن يعود إلى منى لا على الفور، بل يجوز له أن يتأخر بمكة بحيث يدرك المبيت بمنى، ولكن الفور أفضل، وإن كان مكيا جاز له أن يصيب أهله


(١) الدارقطني، ج ٢ ص ٢٥٢.