للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولان؛ أي في ذلك قولان، قول بالجواز قياسا على مسألة القراض؛ وهو قول مالك وابن القاسم واختاره فضل بن مسلمة وصدر به في الشامل، وقول بالنبي وهو لأصبغ واختاره ابن المواز، قال في المقدمات: وهو قول أكثر أصحاب مالك، وعليه ففرق بينه وبين القراض بأن ما في القراض رأس مال وهو هنا منتف، وقوله: "كالقراض"، تشبيه غير تام لأنه في الجواز كما علمت؛ إذ العامل هنا لا يزكي إلَّا إذا بلغت حصته نصابا كالشريك فيزكي، وإن كانت حصة رب المعدن دون نصاب بخلاف القراض فإن العامل يزكي حيث ناب رب القراض نصاب، وإن كان ما ينوب العامل دون نصاب، وإن لم ينب رب القراض نصاب فلا زكاة على العامل، وإن ناب نصاب -كما مر- وبالله تعالى التوفيق.

وقوله: قولان، قال الشيخ إبراهيم: كلّ منهما مرجح، فكان المناسب التعبير بخلاف. انتهى. وحق قول المصنف: "واعتبر ملك كلّ" أن يتأخر عن قوله: "وبجزء كالقراض قولان"، كما فعل ابن شأس، وبه اعترض المواق على المصنف، ويظهر من كلام الشراح هنا أن قوله: "بجزء"، متعلق بدفعه مقدرا؛ أي وفي جواز دفعه أي المعدن بجزء والمحذوف المجرور بفي؛ وهو في جواز دفعه خبر المبتدإ الذي هو قولان، والدال على المحذوف قوله قبله: "وجاز دفعه بأجرة". والله سبحانه أعلم. ومقتضى كلامهم أنه على القول بالجواز يكون العامل كالشريك أنه على القول بالمنع يكون له أجر مثله، ويدل له التعليل بأنه غرر وكراء الأرض بما يخرج منها. والله سبحانه أعلم. وأشار إلى نوع مما يخرج من المعدن لا يعتبر فيه شروط الزكاة؛ لأن ما يخرج منه من قبيل الركاز، فقال: وفي ندرته الخمس؛ يعني أن ندرة المعدن يجب فيها الخمس كان واجدها حرا أو عبدا، مسلما أو كافرا، بلغت نصابا أم لا، والخمس حكمه للإمام، فيصرفه في مصرفه كما في خمس الغنيمة، والندرة بفتح النون وسكون الدال المهملة: القطعة من الذهب أو الفضة الخالصة من التراب التي لا تحتاج إلى تصفية، وأما إن كانت ممازجة بالتراب وتحتاج إلى تخليص فهي مما يعتبر فيه شروط الزكاة، وبهذا فسرها عياض وغيره، وفسرها أبو عمران بالتراب الكثير الذهب السهل التصفية، وليس بخلاف لذلك، بل المراد أن ما نيل من المعدن بسهولة فهو الندرة، وفيه الخمس، وعلى هذا يدلُّ كلامهم. قاله الرماصي. نقله محمد بن الحسن.