للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشفعة؛ أي الأخذ بها لا تركها؛ يعني أن الشفعة إذا وقع الأخذ بها عند أذان الجمعة الثاني فإند يفسخ؛ لأنه بيع: وأما ترك الشفعة إذا وقع عند أذان الجمعة الثاني فإنه لا يفسخ، وإيضاح ذلك أن من كان بينك وبينه عقار على الشيوع، فباع نصيبه، فإن لك أن تأخذ نصيبه الذي باعه إلى نصيبك، فتستكمل الأصل، وتدفع لمشتري الشقص ما دفعه لشريكك، فإذا وقع ذلك عند أذان الجمعة الثاني بطل، فإن تركت القيام بحقك عند أذان الجمعة الثاني مضى ذلك.

وبما قررت علم أن قوله: بأذن ثان راجع للمسائل الست؛ يعني أن ما ذكر من العقود الستة يفسخ حيث وقع بعد الشروع في الأذان الثاني في الجمعة، وهو الذي يفعل عند جلوس الخطيب على المنبر؛ أي كل ما وقع منها بعد الشروع في الأذان الثاني إلى انقضاء الصلاة يفسخ، فما وقع منها بعد انقضاء الصلاة لا يفسخ، وقبله يفسخ إلا أن يقع قبل الشروع، ومعنى الثاني: الثاني في الفعل. وإن كان أولا في المشروعية.

وبما قررت علم أن "الباء" بمعنى: عند، وما تقدم من أن الفسخ عند الشروع في الأذان الثاني للجمعة هو الذي اقتصر عليه سند وصاحب الرسالة، واستظهره غير واحد، وقيل: عند الفراغ منه، فإن تعدد المؤذنون ففيه اختلاف، قيل: المعتبر الأول، وقيل: المعتبر الثالث، وقال ابن ناجي: الصواب عندي أنه خلاف في حال، فمن كان مكانه بعيدا بحيث إن لم يسْعَ عند المؤذن الأول فاتته الصلاة، وجب عليه حينئذ، وإن كان قريبا لم يجب عليه: ولو كان مكانه بعيدا جدا وجب عليه السعي بمقدار ما إذا وصل إليها حانت الصلاة.

وقد تقدم أن الفسخ للبيع إنما هو إذا كان المتبايعان أو أحدهما ممن تلزمه الجمعة، وأما إن لم تلزم الجممة واحدا منهما فلا يفسخ البيع، وإن كانوا يمنعون من البيع في الأسواق كما في الحطاب، حيث قال: إن الأسواق يمنع أن يبيع فيها العبيد وغيرهم ممن لا تجب عليه الجمعة، كما يمنع من ذلك من تجب عليه الجمعة سدا للذريعة، ولا يفسخ البيع إلا ممن تلزمه الجمعة، وقال الشيخ محمد بن الحسن: وإنما أطلق المصنف هنا لأنه حكم بالكراهة -فيما مر- على من لا تجب عليه الجمعة، وذلك يستلزم عدم الفسخ فأطلق فاتكل عليه هنا، وإن كانت الكراهة مبحوثا فيها. انتهى.