للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أنه كان للنبي عليه الصلاة والسلام مؤذنون ثلاثة؛ إذا زالت الشمس خرج ورقي المنبر وقاموا فأذنوا بالمئذنة، واحدا، بعد واحد وتلاه على ذلك أبو بكر وعمر، وزاد عثمان ثانيا بالزوراء قبل جلوسه على المنبر؛ لما كثر الناس ليرتفع منه الناس، فإذا خرج وجلس على المنبر أذن المؤذنون على المنار كما كان يفعل في زمنه صلى الله عليه وسلم، والزوراء موضع بالسوق. المنجور على المنهج: واختلف في هذا الذي أحدثه عثمان رضي الله عنه، فمنهم من قال: إنه كان يقول قبل الزوال: الصلاة حضرت رحمكم الله، لا الأذان المجموع المعهود ويكون قبل الزوال، وروي عن ابن حبيب أنه أجاز الأذان قبل الزوال يوم الجمعة، والذي قبله حكاه بعض شراح الرسالة عن عثمان. انتهى.

قال جامعه عفا الله عنه: مقتضى هذا أو صريحه أنه اختلف حمل الذي أحدثه السيد عثمان رضي الله عنه: الصلاة حضرت رحمكم الله؟ أو الألفاظ المخصوصة التي هي: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله، وترجيع الشهادتين -على ما مر- ثم تقول: حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح: الله أكبر اللهّ أكبر، لا إله إلا الله؟ وفي المواهب اللدنية للقسطلاني، قال سليمان بن موسى: أول من زاد الأذان بالمدينة عثمان، فقال عطاء: كلا، إنما كان يدعوا الناس، ولا يؤذن غير أذان واحد. انتهى. لكن عطاء لم يدرك عثمان بن عفان، فرواية من أثبت ذلك عنه مقدمة، ويمكن الجمع بأن الذي كان في زمن عمر بن الخطاب استمر على عهد عثمان، ثم رأى أن يجعله وأن يكون على مكان عال، فنسب إلى عثمان لكونه بألفاظ الأذان، وترك ما كان يفعله عمر لكونه مجرد إعلام.

ومن تأمل ما قدمت علم أن الأذان الذي أحدثه عثمان إنما هو الأذان المعهود: الله أكبر الله أكبر الخ، هذا هو المعول عليه والمتفق عليه. والله سبحانه أعلم. وقوله: "وفسخ بيع" الخ هو من خصوصية الجمعة على المعول عليه، فلا يفسخ بيع من ضاق عليه وقت غيرها؛ لأن السعي