للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والترقية بين يدي الخطيب بدعة مكروهة من عمل أهل الشام، إلا أن يشترطها واقف فيعمل بها، والحديث الذي يقوله فيها ثابت في الصحيحين وغيرهما، قال ابن الحاج: وينهى الناس عما أحدثوه من ندائه عند إرادة الخطيب أن يخطب بقوله للناس: أيها الناس صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت، أنصتوا رحمكم الله. والعجب من بعض الناس أنهم ينكرون على مالك أخذه بعمل أهل المدينة، واستحسنوا هذا الفعل واحتجوا بأنه من عمل أهل الشام، والعمل على ما عليه صاحب المدخل؛ إذ لم يذكروا هذا الفعل من السنة، ولا من المندوب، ولا من الجائز. قاله الخرشي. وقال الشيخ عبد الباقي: وقد يدل لفعل أهل الشام أنه عليه الصلاة والسلام قال لجرير في حجة الوداع: (استنصت الناس (١)). انتهى.

وكسلاه؛ يعني أنه يحرم ابتداء السلام والإمام يخطب؛ أي يحرم على من يطلب إنصاته كان داخل المسجد أم لا. ورده؛ يعني أنه كما يحرم السلام أي الابتداء به والإمام يخطب، يحرم رده أيضا والإمام يخطب. ابن عرفة: لا يسلم، ولا يرد، ولا يشرب ماء، ولا يشمت، وقوله: "ورده"، ولو إشارة، وظاهره أنه لا يرد بعد الفراغ من الخطبة، ونقل ابن هارون جواز الإشارة عن مالك، وأنكره في التوضيح، واعترضه الرماصي بأن أبا الحسن نقل جواز الرد إشارة عن اللخمي، قال: فلا محل لإنكار المصنف على ابن هارون. انتهى. قال الشيخ محمد بن الحسن: لم أجد في نسختين من أبى الحسن ما نقله عنه الرماصي. انتهى.

ونهي لاغ؛ يعني أنه يحرم على غير الخطيب نهي اللاغي بالنطق، نحو: لا تتكلم -مثلا- وكذا أمره له، نحو: اصمت، كما صرح الشبراخيتي بأنه لغو. وحصبه؛ يعني أنه يحرم حصب اللاغي؛ أي رميه بالحصباء زجرا له عن لغوه لخبر: (من حرك الحصباء فقد لغا) (٢)؛ أي ومن لغا فلا جمعة له، كما في خبر آخر؛ أي كاملة.


(١) البخاري، كتاب العلم، رقم الحديث: ١٢١.- مسلم، كتاب الإيمان، رقم الحديث: ٦٥.
(٢) مسلم، كتاب الجمعة، رقم الحديث: ٨٥٧. ولفظه: ومن مس الحصا فقد لغا.