واستحب مالك الإنصات فيها. انتهى. قاله الإمام الحطاب. وقال: إن خطب العيدين والاستسقاء مختلف في وجوب الإنصات لها والاستماع إليها. انتهى.
وقد علمت أن المذهب عدم الوجوب، وقال صلى الله عليه وسلم:(إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت (١))، رواه الشيخان وغيرهما. وقوله "ولو لغير سامع". أبو الحسن: وهذه حماية ليلا يسترسل الناس على الكلام حتى يتكلم من يسمع الإمام، وأشار المصنف بلو لرد ما نقله ابن زرقون عن ابن نافع من جواز الكلام لغير السامع، ولو داخل المسجد، حكاه ابن عرفة.
إلا أن يلغو؛ يعني أن الخطيب إذا لغا؛ بأن خرج عن أمر الخطبة بما لا تعلق له بها كان محرما لذاته، كَسَبِّ من لا يجوز سبه، أو مدح من لا يجوز مدحه، أو غير محرم لذاته كقراءته كتابا غير متعلق بالخطبة، وكتكلمه بما لا يعني، فإنه ليس على الناس الإنصات له، ولا التحول إليه. قاله مالك في العتبية، وعبد الملك. اللخمي: وهو الصواب، فيتكلمون، وإلى تصويب اللخمي أشار بقوله: على المختار وقد فعله ابن المسيب، لما لغا الإمام أقبل سعيد يكلم رجلا، فلما رجع إلى الخطبة سكت سعيد.
ومن اللغو ما لا يعني الناس، وقوله:"إلا أن يلغو"، مستثنى من قوله:"ككلام في خطبتيه"، وقوله:"يلغو"؛ أي يتكلم بالكلام اللاغي؛ أي الساقط؛ أي الخارج عن نظام الخطبة، يقال: لغا يلغوا كغزا يغزوا، ولَغِيَ يَلْغَى كعمِيَ يعْمى، والأول أفصح، وقوله تعالى:{وَالْغَوْا فِيهِ} من الثانية، ولو كان من الأولى لقال: والغُوا بضم الغين، ومقابل المختار هو قول مالك في المجموعة إنهم يسكتون عند لغو الإمام كما لو لم يلغ، وكما يجوز الكلام عند لغو الإمام، يجوز التنفل، كما نقله البرزلي عن ابن العربي.
(١) البخاري، كتاب الجمعة، رقم الحديث: ٩٣٤. ولفظه: إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت … - مسلم، كتاب الجمعة، رقم الحديث: ٨٥١. ولفظه: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة … الموطأ، كتاب الجمعة، رقم الحديث: ٦.