للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه يكره لكل مصل أن يتنفل بعد الجمعة في الجامع حتى ينصرف، وهذا هو المنصوص: وهو للإمام أشد كراهة، قاله الشارح، قاله الشيخ عبد الباقي. وفي الشبراخيتي: ومحل الكراهة حيث فعل ذلك من يخشى منه أن يعتقد وجوبه، وأما من فعله معتقدا أنه من النفل المندوب فلا يكره له ذلك، كما يفيده كلام الشارح. وينبغي أن يقيد بما إذا لم يكن المتنفل ممن يقتدى به، وإلا كره. انتهى. قال الشيخ عبد الباقي: ظاهر جمعهم بين قوله: "والأفضل لفذ تقديمها مطلقا"، وبين قوله: "وقبلها كعصر" من حمل الثاني على منتظر الجماعة، يفيد ضعف ما في مختصر الوقار، من جعل الكراهة لغير الجمعة أيضا. انتهى. قال الشيخ محمد بن الحسن: فيه نظر، بل لا يفيده؛ لأن هذا الحمل مبني على ما إذا دخل المسجد بعد الأذان، وقصد انتظار الجماعة، وما في مختصر الوقار: إذا كان جالسا عند الأذان. انتهى.

وعلم مما تقدم أن الكراهة تبتدأ من حين الأذان، وتنتهي بالصلاة الخ. وحضور شابة؛ يعني أنه يكره حضور الشابة التي لا تخشى منها الفتنة، وأما هي فيحرم حضورها لها، وأما المتجالة التي لا أرب للرجال فيها فحضورها لها جائز، وإنما كره حضور الشابة التي لا تخشى منها الفتنة للجمعة: وجاز حضورها لفرض غير الجمعة لكثرة من يحضر الجمعة؛ وهو مظنة لمزاحمة الرجال، ولعدم المظنة في غيرها، وأما الشابة الخشية الفتنة فيحرم حضورها لها. قاله الشيخ عبد الباقي وسفر بعد الفجر؛ يعني أنه يكره لمن تلزمه الجمعة أن يسافر يوم الجمعة بعد طلوع الفجر؛ إذ لا ضرر عليه في الصبر لتحصيل هذا الخير العظيم، وكذا بعد فجر يوم العيد، وقبل طلوع الشمس، ويحرم بعد طلوعها؛ نص عليه ابن رشد: قال الحطاب: وفيه نظر، وأجاب الأجهوري: بأنه مبني على أن العيد فرض عين أو كفاية حيث لم يقم بها غيره، ولا غرابة في بناء مشهور على ضعيف. قاله الخرشي. وجاز قبله؛ يعني أنه يجوز السفر لمن تلزمه الجمعة قبل طلوع فجر الجمعة من غير كراهة اتفاقا.

وحرم بالزوال؛ يعني أنه يحرم السفر على من تلزمه الجمعة عند زوال يوم الجمعة، ولو قبل النداء لتعلق الخطاب به، إلا أن يخاف فوات رفقة لا يمكنه السفر دونها خوفا على نفسه أو ماله، فإنه يباح له حينئذ السفر، وإلا أن يتحقق لقصر سفره إدراكها بقرية جمعة أخرى قبل