وما ذكره المصنف من الكراهة اعترضه الرماصي بأن النص حرمة البيع وقتها لمن تلزمه ولمن لا تلزمه، ففي المدونة: وإذا قعد الإمام على المنبر، وأذن المؤذن حرم حينئذ البيع، ومنع منه من تلزمه ومن لا تلزمه، قال الوانوغي: وقيده ابن رشد بما إذا كان في الأسواق، ويجوز في غير الأسواق لمن لا تجب عليه، ويمتنع في الأسواق للعبيد وغيرهم. انتهى. وكلام ابن رشد هذا نقله الحطاب، وكذا المواق عند قوله الآتي:"وفسخ بيع"، وفهمه على الحرمة مطلقا، وتعقُّبُ بعضهم ذلك بأن قول المدونة: منع منه، ليس معناه: حرم، بل معناه: أن الإمام يمنعهم من ذلك، فلا يدل على الحرمة مطلقا، يُرَدُّ؛ بأن إطلاق قولها: حرم البيع، وتسويتها من تلزمه بمن لا تلزمه دليل إرادة الحرمة مطلقا، كما هو ظاهرها، وعبارة الوانوغي صريحة في الحرمة. قاله الشيخ محمد بن الحسن. وقال الشبراخيتي عند قوله:"وقتها": ولا يفسخ على المشهور، خلافا لابن نافع. وتنفل إمام قبلها؛ أي الخطبة؛ يعني أن الإمام إذا جاء وقد حان وقت الخطبة، فإنه يكره له أن يتنفل حينئذ، وليَرْقَ المنبر كما يدخل، وأما إن دخل قبل وقت الخطبة، أو جلس ينتظر الجماعة، فتطلب منه التحية، كما هو مقتضى نص الباجي عن ابن حبيب. قوله:"وتنفل" بالرفع، عطف على "ترك" أو جالس عند الأذان؛ يعني أنه يكره لمن كان جالسا في المسجد يوم الجمعة أن يتنفل عند الأذان الأول للجمعة، وإنما قيد بذلك ليلا يعارض ما يأتي في المحرمات، وابتداء صلاة بخروجه، وكذا كل وقت أذان للصلاة غير الجمعة على ما في مختصر الوقار، ونصه: ويكره قيام الناس للركوع بعد فراغ المؤذنين من الأذان يوم الجمعة، وغيرها. انتهى. أي إذا فعله استنانا خوف اعتقاد وجوبه ولو ممن رآه، فلا يكره لمن فعله في خاصة نفسه من غير اعتقاد سنية؛ وهو غير مقتدى به، ولا يكره أيضا لمتنفل قبل الأذان فاستمر، ولا لقادم عند الأذان في الجمعة وغيرها، وتنتهي الكراهة بالصلاة التي أذن لها، وبخروجه من المسجد، أو بوضوئه ولو بصحنه ولو تجديدا، كما تفيده العلة المتقدمة.
ومثل كراهته قبل الجمعة، تنفله بعدها استنانا. ابن عبد السلام: ويمتد وقت الكراهة بعد الجمعة حتى ينصرف أكثر المصلين لا كلهم، أو يحين وقت انصرافهم وإن لم ينصرفوا، ويحتمل