للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغروب ونوى النزول بعد انصداع الفجر، وإن نوى النزول قبل انقضاء الثلث الأول أخر العشاء وجوبا، وإن نوى النزول بعد انقضاء الثلث الأول وقبل الفجر خير في العشاء، إن شاء قدمها مع المغرب قبل ارتحاله، وإن شاء أخرها لنزوله وهو أولى، وأما المغرب فلا يؤخرها بحال كالظهر في حال زوال الشمس وهو نازل، وإنما سكت عن الجمع في العشاءين على هذا اكتفاء بما قاله في الظهرين: وهذا التأويل لبعض المتأخرين -كما عرفت-، أو كلام المدونة مخالف لقول سحنون؟ فلا يجمع العشاءين بحال، بل يصلي كل صلاة في وقتها المختار؛ وهو للباجي. قال الشبراخيتي: والتأويل الأول الصرح به هو المعتمد، كما قال الحطاب، فكان حقه أن يقول: والعشاءان كذلك. انتهى. وقال الشيخ عبد الباقي: والراجح من التأويلين الأول. انتهى. وقال الشيخ محمد بن الحسن بناني: ورجح الأول ابن بشير وابن هارون وغيرهما. انتهى. وقال الشيخ الخرشي: والمعتمد من التأويلين المصرح به؛ يعني الأول.

وقال الشيخ الأمير: والعشاءان كذلك ولو غربت نازلا على الراجح. انتهى. فصح من هذا أن المعتمد أن العشاءين كالظهرين، ودليله ما في الموطإ عن علي بن حسين أنه كان يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يسير يومه جمع بين الظهر والعصر. وإذا أراد أن يسير ليلته جمع بين المغرب والعشاء (١)).

وبما قررت علم أنه ينزل الفجر على التأويل الأول منزلة الغروب، والثلث الأول منزلة ما قبل الاصفرار وما بعده للفجر منزلة الاصفرار.

وعلم أيضا أن التأويلين فيمن غربت عليه نازلا؟ وأما من غربت عليه وهو سائر فكمن زالت عليه وهو سائر بلا خلاف، فيؤخرهما إن نوى النزول في الثلثين الأخيرين أو قبلهما، وإن نوى النزول بعد الفجر، ففي وقتيهما جمعا صوريا كمن لما يضبط نزوله، والحجة للتأويل المصرح به هو


(١) الموطأ، كتاب قصر الصلاة، الحديث: ٣٣٥ والتمهيد، باب بلاغات مالك، الحديث. ١٣.