للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث الموطإ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في سفره إلى تبوك (١)).

وقدم خائف الإغماء؛ يعني أن من خاف أن يغمى عليه في وقت الثانية من المشتركتين يقدم العصر عند أول وقت الظهر، والعشاء عند أول وقت المغرب بعد صلاة الأولى. قاله مالك: وهو المشهور. وقال ابن نافع: لا يجوز الجمع ويصلي كل صلاة لوقتها، فما أغمي عليه حتى ذهب وقته لم يكن عليه قضاؤه؛ وهو الظاهر. قاله الشارح.

فرع ألحق في العتبية بخائف الإغماء الذي يأخذه النعاس، وجوز له الجمع عند الزوال، قاله في التوضيح. والناقض؛ يعني أن من خاف النافض؛ أي الحمى المرعدة وقت العصر أو العشاء، يقدم العصر أول وقت الظهر، والعشاء أول وقت المغرب. وإنما قدم خائف النافض لأنها لا يتمكن معها المحموم من الصلاة بخلاف غيرها، فإنه يتمكن معها من الصلاة ولو بالاستناد. والميد؛ يعني أن من خاف الميد أي الدوخة وقت العصر يقدمها أول وقت الظهر، وكذلك من خاف الميد وقت العشاء، فإنه يقدمها أول وقت المغرب. قوله: "وقدم"؛ أي ندبا كما قاله ابن يونس، وجوازا كما قاله ابن عبد السلام، وارتضاه المواق. قال الشيخ محمد بن الحسن: إن القول بالندب لا يعادل قول ابن عبد السلام المشهور جوازه، ومثله لابن عرفة والتوضيح.

وقوله: "وقدم خائف الإغماء والنافض والميد"، ظاهر إن خاف استغراق الوقت، فإن اعتاده في بعضه فلعل وجه التقديم أن العادة قد تتخلف، فإن لم يقدم الصلاة وحصلا في الثانية والثالثة قضاها بعد ذهابهما إن لم ينشأ عنهما إغماء، وإلا لم يطلب بقضائها، بخلاف من أغمي عليه وقت الزوال وأفاق وقت العصر فيصلي الظهر لبقاء وقتها، وقدمت المحافظة على الأركان هنا لوقوع الصلاة في ضروريها الأول دون الوقت، بخلاف ما يأتي من قوله: "وحل للضرورة" الخ، فحوفظ على الوقت لأنه لم يتحقق انكشاف العدو فيه.


(١) الموطأ، كتاب قصر الصلاة، الحديث: ٣٢٩ ولفظه بدون قوله والمغرب والعشاء.