للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين. والله أعلم. وفي ابن يونس: في العسكر يقيم بهم الإمام ولا يدرون كم يقيم، يقصرون حتى يعلموا أنه يقيم أربعة أيام، وينبغي للإمام أن يعلمهم.

وقطعه دخول بلده؛ يعني أن من سافر من بلده، ثم إنه رجع إليه بعد قطع المسافة، فإنه ينقطع حكم سفره بدخوله لبلده، فيقصر في رجوعه إلى دخوله لبلده فيتم. وأما إن رجع إليه قبل قطع المسافة، فإنه ينقطع حكم سفره برجوعه، فيتم بمجرد رجوعه. وعلم مما قررت أن المراد بالدخول هنا: الدخول الناشئ عن الرجوع بدليل الاستثناء في قوله: "إلا متوطن كمكة رفض سكناها ورجع ناويا السفر". وأما الدخول في الآتية، فالمراد به: الدخول الناشئ عن المرور بها في ذهابه، فلا تكرار. والله سبحانه أعلم. وهذا التفريق هو الذي ارتضاه ابن غازي، والحطاب، والرماصي، ومحمد بن الحسن. وأما دفع التكرار بأن البلد أعم من الوطن؛ لأن البلد كل موضع تقدمت له فيه إقامة، تقطع حكم السفر على نية التأبيد أم لا. والوطن كل موضع تقدمت له فيه إقامة تقطع حكم السفر على نية التأبيد، فإنه لا يندفع بذلك.

وإن بريح؛ يعني أنه لا فرق في قطع دخول البلد للقصر بين أن يدخله مختارا، وبين أن يدخله مغلوبا بريح من بحر أو جموح دابة، بخلاف اللص. قال الشيخ إبراهيم: والفرق بين الريح والغاصب -كما يفهم من كلام اللخمي- أن من سافر بالريح شاك من أول سفره، هل يتم أم لا؟ فكان داخلا على ذلك؛ لأنه قريب ممن ينتظر رفقة لا يسافر إلا بها، بخلاف من رده غاصب؛ فإنه لا شعور له به. وفي الحطاب: قال اللخمي: اختلف فيمن خرج مسافرا في البحر فسافر أميالا ثم ردته الريح، فقال مالك: يتم الصلاة؛ يريد في رجوعه، وفي البلد الذي أقلع منه وإن لم يكن له وطنا إذإِ كان يتم الصلاة به؛ لأنه لم يصح رفضه. وقال سحنون: يقصر إذا لم يكن مسكنا، يريد ما لم يكن رجوعه باختياره، فكان كالمكره. وقوله: "وقطعه دخول بلده"، محله ما لم يرفض سكناه -كما سيذكره- وإنما كان دخول البلد قاطعا لأنه مظنة الإقامة. كما قاله الشبراخيتي.