فقال: أبلغ ذلك الموضع ثم أتمادى منه إلى داري على كل حال، وجدته أم لا، فذهب بعض أصحابنا إلى أنه لا يقصر حتى يرجع، وظهر لي ولغيري أنه يقصر؛ لأنه نوى الرجوع. انتهى. واحتج ابن يونس بتقصير المسافر لشرق خرج لمهم غربا عن بريد يرجع منه لسفره غير داخل بلده، يقصر في البريد. ابن عرفة: هذا مصادرة، ويرده رواية الشيخ: من سافر لبريدين فرجع لطريق أقصر، وممره على منزلة ولم يرد النزول به، أتم في رجوعه حتى يجاوزه. قاله الرماصي. ولا منفصل ينتظر رفقة؛ يعني أن المنفصل عن محل إقامته عازما على السفر إلا أنه أقام ينتظر رفقة لا يقصر، بل يستمر على إتمامه حيث لم يجزم بإتيانهم له قبل أربعة أيام، فإن لحقته فلا يقصر حتى يبرز عن ذلك الموضع، ولو شيع السفر رجل وهو يريد الرجعة فقدموه ليصلي بهم، فلم يدخل الصلاة حتى نوى السفر: فليتم حتى يبرز عن ذلك الموضع. قاله الرماصي.
إلا أن يجزم بالسير دونها؛ يعني أن عدم قصر المنتظر لرفقة إنما هو إذا لم يجزم بالسير دونها قبل إقامة أربعة أيام، وأما إن جزم بالسير دونها قبل إقامة أربعة أيام، فإنه يقصر بمجرد تعديه محل بدء القصر. وكذا إن تحقق أو غلب على ظنه مجيئها له قبل إقامة أربعة أيام حيث لم يجزم بالسير دونها.
وتحصل مما مر أنه إذا جزم بالسير دونها لكن بعد أربعة أيام، أو شك هل يلحقونه قبل أربعة أيام أم لا؟ فإنه يتم، وأنه إذا تحقق لحوقها قبل أربعة أيام، أو غلب ذلك على ظنه يقصر وإن لم يجزم بالسير دونها، وأنه إذا جزم بالسير دونها قبل أربعة أيام يقصر مطلقا تحقق لحوق الرفقة أو عدمه أو شك فيه. والله سبحانه أعلم. انظر بناني.
تنبيه إذا سافر العبد بسفر سيده، والمرأة بسفر زوجها، والجند بسفر الأمير، ولا يعلمون قصدهم، لم يترخص واحد منهم، فإن علموا قصدهم ونووا القصر قصروا. ولا مفهوم لقوله: نووا القصر: كما في الرهوني. وسئل مالك عن صلاة الأسير، فقال: مثل صلاة المقيم. وفي المدونة: ويتم الأسير بدار الحرب إلا أن يسافر به فيقصر. وقال الباجي في شرحه: في سفره ومقامه باختيار من يملكه، فكانت نيته معتبرة في إتمامه وقصره بما يظهر له من أمره، وكذلك العبد المسلم في بلد