للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا متوطن كمكة رفض سكاناها؛ يعني أن محل قطع دخول البلد للقصر إنما هو حيث لم يرفض الداخل له سكناه، وأما إن دخله رافضا سكناه بعد قطع المسافة فإنه لا يقطع حكم سفره، ودخل "بالكاف" كل بلد، وإنما نص على مكة تبركا بذكرها، أعزها الله تعالى.

قال الإمام الحطاب بعد جلب أنقال: والحاصل أن من رجع من دون مسافة القصر أتم الصلاة على المشهور. ولو كان باقيا على نية السفر، بأن يكون إنما رجع لحاجة، أو ردته الريح، ومقابل المشهور أنه يقصر إن كانت نيته باقية على السفر في رجوعه. وفي البلد الذي خرج منه إذا لم يكن وطنه، وأن من رجع بعد أن سافر مسافة القصر يقصر على القول الراجح الذي رجع إليه مالك؛ وعلى القول المرجوع عنه يتم ويقصر هنا على مقابل المشهور في المسألة الأولى من باب أولى. انتهى. وقال الرماصي: الصواب قول الحطاب الوجب للقصر في المسألة المستثناة الرجوع بعد مسافة القصر. وقال الشيخ الأمير: وقصر ذو نسك رجع لوطنه من دون المسافة لا راجع لدونها ولو لحاجة بغير وطنه الأصلي، فإن رجع بعدها قصر في رجوعه، كإقامته إن كان بغير وطنه ولم ينو إقامة أربعة أيام؛ وهو معنى قول الأصل: "إلا متوطن كمكة رفض سكناها ورجع ناويا السفر" انتهى.

ولنذكر هنا نازلة وهي: أن قوما نووا قطع مسافة القصر وعزموا عليها، فلما ساروا دون المسافة كميل أو أكثر مثلا تغير عزمهم وصاروا طالبي رعي؟ وأجاب بعض الناس بأنهم يستمرون على قصرهم، محتجا بما قاله الشبراخيتي والزرقاني تبعا للشيخ علي الأجهوري: أن من رجع لمحل إقامته بعد أن نوى مسافة القصر يستمر على قصره، سواء رجع بعد قطع المسافة، أو قبله وبعد وصوله لمبدإ القصر ففي الشبراخيتي: ويحتمل أن يكون أشار به؛ يعني قول المصنف: "إلا متوطن كمكة" الخ إلى أن من رفض سكنى وطنه ثم رجع له غير ناو الإقامة القاطعة -وقد كان خروجه منه لسفر قصر- فإنه يقصر، سواء كان رجوعه له بعد ما بلغ مسافة القصر أو قبله، وبعد وصوله لمبدإ القصر. وحينئذ فقوله: "رفض سكناها"، في محله، ثم إنه إنما يعتبر حيث مات أهله به. قال: وأما قوله: ورجع ناريا السفر؛ أي والحال أنه رجع ناويا السفر من المحل الذي رفض سكناه، فليس بصواب على هذا الاحتمال، والصواب: ورجع غير ناو الإقامة، والمراد بالأهل في