للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقصر فلا شك في تقصير هذا. انتهى. ومر قريبا عن الأمير ما يفيد أنه لا إعادة عليه لحكمه عليه بأنه من اللاهي بسفره. والله سبحانه أعلم.

ولا هائم؛ يعني أن الهائم لا يقصر، وفسر بالفقراء المتجردين للعبادة الذين لا يخرجون لموضع معلوم، بل حيث طاب لهم بلد قاموا به. وطالب رعي؛ يعني أن طالب الرعي لا يقصر وهو من يطلب المرعى لمواشيه يرتع حيث وجد الكلأ.

واعلم أن من تاه عن طريق القصد يقصر، ولو تاه قبل قطع المسافة. كما نص عليه غير واحد. وقال الرماصي: وأما الهائم بمعنى التائه عن طريق القصد، فإن كان بعد سير مسافة قصر معزوم عليها قصر، وإن تاه قبلها وصار يتردد فلا يقصر وإن قطع المسافة في تردده. قاله الرماصي.

إلا أن يعلم قطر المسافة قبله مستثنى من الهائم وطالب الرعي؛ يعني أن عدم قصر الهائم وطالب الرعي؛ محله حيث لم يعلم كل منهما قطع المسافة قبل البلد الذي يطيب له المقام به وقبل محل الرعي يريد: وقد عزم عليه عند خروجه. وأما إن علم كل منهما قطع المسافة قبل المحل الذي عزم على السير إليه، فإنه يقصر. وقوله: "ولا هائم وطالب رعي"، وكذا لا يقصر من خرج في طلب آبق أو ضالة أو نحو ذلك، ولو جاوز مسافة القصر، كما مر نص عليه الشادلي، وغيره.

والحاصل أن كل من لا يقصد موضعا معينا، كالهائم بالمعنى المذكور، وطالب الرعي، والآبق، والحاجة لا يقصرون وإن قطعوا المسافة إلا أن يعزما (١) في أول السفر على قطعها، قال في المدونة: ومن خرج في طلب حاجة، فقيل له: هي بين يديك على بريدين ولا يدري غاية سفره فمشى كذلك أياما، فإنه يتم في طلبه ويقصر في رجوعه إذا كان أربعة برد فأكثر. انتهى. أبو الحسن: لأن المدة إنما تعتبر من ابتداء الوجهة ولا يضاف إليها ما قبل ذلك، فطالب الحاجة لا يقصر وإن قطع المسافة إلا إذا رجع. ابن يونس: وإذا بلغ الذي خرج في طلب الحاجة أربعة برد فأراد الرجوع، فقيل له: حاجتك في موضع كذا على بريدين بين يديك، أو عن يمينك، أو شمالك،


(١) في الرماصي: إلا أن يعزموا. مخطوط.