للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن نوتيا بأهله؛ يعني أن النوتي إذا سافر ومعه أهله، فإنه يقصر؛ لأن مصاحبة الأهل في السفر لا تمنع القصر، وغير النوتي أحرى، كما قاله الشبراخيتي. والنوتي خادم السفينة؛ أي فلا يتوهم أن المركب صار له كالدار. وقال أحمد: لا يقصر، واحتج بأنه مقيم في مسكنه وماله فأشبه ما إذا كان في بيته، وما ذكره المصنف هو مذهب مالك والشافعي وجماعة والدليل لعامة الفقهاء. قوله علية الصلاة والسلام: (إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة (١)). وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: (فرضت الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين (٢))، والفرض يكون بمعنى التقدير وهو عام. وروى ابن وهب عن سالم بن عبد الله بن عمر أن رجلا سأله فقال: إن أحدنا يخرج في السفينة يجعل فيها أهله ومتاعه ودجاجه؛ أيتم الصلاة؛ قال: إذا خرج فليقصر الصلاة، وإن خرج بذلك وكون أهله ومتاعه معه لا يمنعه من الترخص في السفر كالجَمَّال، قاله في الطراز. وقال ابن ناجي: وأقام شيخنا منها أن العرب إذا سافروا بأهلهم وأولادهم السفر الطويل المعزوم أنهم يقصرون، وأفتى به غير ما مرة لا يُحتاج إلى نية. قاله الإمام الحطاب. ولا ذكر ابتداء القصر ذكر منتهاه بقوله: إلى محل البدء؛ يعني أن المسافر يقصر في ذهابه إلى محل البدء؛ أي بدء القصر من المكان الذي ذهب له، ويقصر في رجوعه حتى يدخل بلده أو يقاربه. قال الشيخ الأمير: وهل أو لحكاية الخلاف أو للتنويع؟ فالأول أراد البلد أي استمر سائرا، والثاني مستريح أي نزل خارج البلد للاستراحة مثلا، أو العطف مفسر تأويلات والقرب دون الميل، وكون العطف للتفسير عليه يكون المعنى هو القرب دون الدخول، وهذا هو المعتمد عند الباجي وأبي الحسن وأبي محمد صالح، خلاف ظاهر المصنف وابن الحاجب. وقال الشيخ عبد الباقي: ودخول البساتين المسكونة المتصلة ولو حكما كدخول البلد، والقرب لها بأقل من الميل كالقرب من البلد بأقل منه. انتهى. وقال الإمام الحطاب: والظاهر أن المراد بقولهم إلى محل البدء أن المسافر يقصر، فإذا وصل إلى البلدة التي هي منتهى سفره أتم في الموضع الذي لو سافر منه


(١) النسائي، كتاب الصيام، رقم الحديث: ٢٢٨٢.
(٢) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم الحديث: ٦٨٧. ولفظه: فرض الله الصلاة …