للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان يصلي على الأرض وعلى راحلته حيث توجهت (١))، ورأى بعد أن صلى الظهر في السفر ناسا قياما، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قال الراوي: قلت يسبحون؛ يعني يتنفلون، قال: لو كنت مسبحا لأتممت صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وصحبت أبا بكر وعمر وعثمان كذلك؛ أي فلم يزد كل على ركعتين ركعتين ثم قرأ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، وقد علمت أن المشهور عن جميع السلف جوازه، وبه قال الأئمة الأربعة، قال النووي تبعا لغيره: لعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر، ولعله تركه في بعض الأوقات لبيان الجواز. وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان ربما يتنفل في السفر، قال البراء: (سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة سفرة فما رأيته يترك الركعتين قبل الظهر (٢))، رواه أبو داوود والترمذي، قال مالك: إنه بلغة أن القاسم بن محمد (٣) وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي كانوا يتنفلون في السفر، ظاهره ليلا ونهارا، قال يحيى: وسئل مالك عن النافلة في السفر، فقال: لا بأس بذلك بالليل والنهار. انظر الزرقاني. وأشار المصنف إلى حكم القصر بقوله: سن لمسافر؛ يعني أنه يسن للمسافر أن يقصر الصلاة الرباعية سنة مؤكدة، وفي آكديتها على سنة الجماعة، وعكسه قولا ابن رشد واللخمي، وقوله: "لمسافر"، متعلق "بسن"، واستدل لابن رشد بخبر: (خيار عباد الله الذين إذا سافروا قصروا (٤) وبخبر: (صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته (٥) واستدل اللخمي بالحديث المتقدم: (صلاة الجماعة تعدل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة] (٦)). وقوله: "سن"، اعتمد المصنف في السنة على قول عياض في الإكمال: كونه سنة هو


(١) الموطأ، ص ١٢٤.
(٢) أبو داود، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ١٢٢٢. الترمذي، أبواب السفر، رقم الحديث: ٥٥٠. ولفظهما: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر شهرا فما رأيته ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر.
(٣) في الموطإ: القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبا بكر لخ شرح الزرقانى ج ٢ ص ٢٠.
(٤) التلخيص الحبير، ج ٢ ص ٥١. وانظر كنز العمال، رقم الحديث: ٤٤٠٨٣.
(٥) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم الحديث: ٦٨٥.
(٦) في الموطإ في كتاب الجماعة والبخاري في كتاب الأذان، رقم الحديث ٦٤٦: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ … الخ.