للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونظر بمصحف في فرض؛ يعني أنه يكره لمن يصلي الفرض أن ينظر في المصحف أي يقرأ فيه ولو دخل على ذلك أوله لاشتغاله غالبا. وقال أبو حنيفة: تبطل صلاته. أو أثناء نفل؛ يعني أنه تكره القراءة في المصحف في النفل أيضا حيث لم يدخل على ذلك؛ بأن ابتدأ القراءة فيه وهو في أثناء النفل. لا أوله؛ يعني أنه لا تكره القراءة في المصحف لمن هو متنفل إذا دخل على ذلك بأن قرأ فيه في أول النافلة، والفرق بين أثناء النفل وأوله كثرة الشغل في الأول دون الثاني. وقوله: "لا أوله"، لخبر البخاري: (كان خيارنا يقرأ في المصحف في رمضان (١)). قال الشيخ عبد الباقي: وأما قراءة القرآن في المصحف فكرهها مالك، إلا أن يشترطها واقف مصحف فيه، وإن كان غير واقف المسجد فلا يكره. وقال الإمام الحطاب: وأما القراءة في المصحف في المسجد، فنقل الشيخ أبو محمد عن مالك أنه قال: لم تكن القراءة في المسجد في المصحف من أمر الناس القديم، وأول من أحدثه الحجاج، وأكره أن يقرأ في المصحف في المسجد. انتهى. ونقل ذلك عنه صاحب الدخل، ونقله عنه الشيخ يوسف بن عمر. انتهى. وقال الزركشي من الشافعية: قال مالك لم تكن القراءة في المصحف بالمسجد من أمر الناس القديم، وأول من أحدثه الحجاج. وقال: أكره أن يقرأ في المصحف في المسجد، وأرى أن يقاموا من المسجد إذا اجتمعوا للقراءة الخميس، قال الزركشي: قلت وهذا استحسان لا دليل عليه، والذي عليه الخلف والسلف استحباب ذلك لما فيه من تعميرها بالذكر.

وفي الصحيح في قصة الذي بال في المسجد: (إنما بنيت المساجد لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن (٢) وقال: {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}، وهذا عام في المصاحف وغيرها. انتهى. قال الإمام الحطاب: أما نقله عن السلف استحباب ذلك فمعارض لنقل مالك أنه لم يكن من أمر الناس القديم، ومالك أعلم بما كان عليه السلف، وقوله: "ونظر بمصحف في فرض" الخ؛ أي إلا أن تتوقف قراءة فاتحة بصلاة على نظر به، وإلا وجب النظر فيه، والظاهر أنه إذا لم يتيسر له قراءة


(١) ذكر عبد الباقي في شرحه لخليل ج ١ ص ٢٨٦ هذا الخبر بهذا اللفظ ونسبه للبخاري ولم نطلع عليه فيه.
(٢) مسلم، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٨٣. و ٥٦٩.