ويسجدها ثم يقرأ الفاتحة؛ وقال ابن أبي زيد: يفعل ذلك بعد قراءة الفاتحة، في الركعة الثانية لأنها غير واجبة فمشروعيتها بعد الفاتحة، ثم يقوم منها فيقرأ السورة، وقوله: قولان؛ مبتدأ، وخبره الجار والمجرور قبله أعني قوله:"ففي فعلها"، وعلى القول الأول: لو أخرها حتى قرأ الفاتحة فعلها بعدها، بل وكذا بعد القراءة، وقبل: الانحناء، وأما على الثاني فلو قَدَّمَها، فهل يكتفي بها أو يعيدها؟ فإن لم يذكر حتى عقد الثانية فاتت ولا شيء عليه. قال ابن بشير: إلا أن يدخل في نافلة أخرى، فإذا قام قرأها وسجد. انتهى. والظاهر أنه يجري حينئذ في هذه النافلة ما جرى من الخلاف في مسألة المصنف، أعني قوله:"ففي فعلها قبل الفاتحة قولان"، قال الشيخ عبد الباقي: قوله: "وبكثير"، متعلق بقوله:"يعيدها"، وتم الكلام عنده. وقوله:"بالفرض"، متعلق بعامل مقدر مماثل للمذكور؛ أي ويعيد بالفرض، والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا جواب عن سؤال مقدر، تقديره: ماذا يفعل إذا جاوزها بكثير في الفرض والنفل، وقوله:"وبالنفل"، معطوف على قوله:"بالفرض"، والموضوع واحد؛ وهو مجاوزتها بكثير، وإنما لم يجعل متعلقا بيعيدها المذكور، لاستلزام ذلك عدم الإعادة في مسألة مجاوزتها في غير الصلاة. انتهى.
وإن قصدها فركع سهوا اعتد به؛ يعني أن المصلي إذا قرأ السجدة؛ أي موضعها، فانحط بنية فعلها، فلما وصل إلى حد الركوع ذهل عنها فركع سهوا، فإنه يعتد بذلك الركوع عند مالك، فيرفع له، وفاتت السجدة؛ لأن الحركة للركن لا تشترط. ولا سهو؛ يعني أنه لا سجود سهو على هذا الذي انحط للسجدة فسها عنها وركع؛ أي لا يسجد قبل السلام لنقص الانحطاط بنية الركوع عند مالك، وسيأتي خلاف ابن القاسم له. بخلاف تكريرها؛ يعني أن من كرر السجدة ساهيا؛ بأن سجد معها سجدة أخرى تحقيقا أو شكا -وهو في صلاة- يسن له أن يسجد بعد السلام، فمن شك هل سجد للتلاوة وهو في صلاة، أو لم يسجد؟ فإنه يسجد سجود التلاوة، ويسجد لهذه الزيادة الشكوك فيها بعد السلام.
أو سجود قبلها؛ يعني أن من سجد قبل السجدة سهوا؛ بأن سجد في آية قبلها يظنها لسهوه محل السجدة، فإنه يسجد بعد السلام. وبما قررت علم أن قوله: سهوا قيد في المسألتين؛ أي