للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِخِلَافِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّ اسْمَهَا بَاقٍ بَعْدَ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ، وَهَذَا الْوَجْهُ يَشْمَلُ الْفُصُولَ الْمَذْكُورَةَ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ غَيْرُهَا فَاحْفَظْهُ. وَقَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ بَدَلَهَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَزُفَرَ، وَهَكَذَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، رَوَاهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ. وَوَجْهُهُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لِلتَّصَرُّفِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ أَوْ بَاعَهُ جَازَ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ قَوْلُهُ «فِي الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ الْمَصْلِيَّةِ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهَا أَطْعِمُوهَا الْأَسَارَى» أَفَادَ الْأَمْرُ بِالتَّصَدُّقِ زَوَالَ مِلْكِ الْمَالِكِ وَحُرْمَةَ الِانْتِفَاعِ لِلْغَاصِبِ قَبْلَ الْإِرْضَاءِ،

فِي إثْبَاتِ مَذْهَبِنَا كَذَا، وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ أَصْلًا فَاحْفَظْ هَذَا فَإِنَّهُ يَنْفَعُكَ فِي مَوَاضِعَ شَتَّى (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّ اسْمَهَا بَاقٍ بَعْدَ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَصَارَ كَمَا إذَا ذَبَحَ الشَّاةَ الْمَغْصُوبَةَ وَسَلَخَهَا وَأَرَّبَهَا، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْعِلَّةَ حُدُوثُ الْفِعْلِ مِنْ الْغَاصِبِ وَعَلَى وَجْهٍ يَتَبَدَّلُ الِاسْمُ، وَاسْمُ الشَّاةِ بَعْدَ الذَّبْحِ بَاقٍ؛ لِأَنَّهُ يُقَال شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ مَسْلُوخَةٌ كَمَا يُقَالُ شَاةٌ حَيَّةٌ. فَإِنْ قِيلَ: الْكَلَامُ فِيهَا بَعْدَ التَّأْرِيبِ، وَلَا يُقَالُ شَاةٌ مَأْرُوبَةٌ بَلْ يُقَالُ لَحْمٌ مَأْرُوبٌ فَقَدْ حَصَلَ الْفِعْلُ وَتَبَدَّلَ الِاسْمُ وَلَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ الْمَالِكِ. أُجِيبُ بِأَنَّهُ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا ذَبَحَهَا فَقَدْ أَبْقَى اسْمَ الشَّاةِ فِيهَا مَعَ تَرْجِيحِ جَانِبِ اللَّحْمِيَّةِ فِيهَا إذْ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْهَا اللَّحْمُ ثُمَّ السَّلْخُ وَالتَّأْرِيبُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُفَوِّتُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّبْحِ بَلْ يُحَقِّقُهُ فَلَا يَكُونُ دَلِيلُ تَبَدُّلِ الْعَيْنِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا. أَقُولُ: الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ لَا يَدْفَعُ السُّؤَالَ الْوَارِدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِيمَا ذَكَرَهُ جَوَابًا عَمَّا اسْتَشْهَدَ بِهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ مَسْأَلَةِ ذَبْحِ الشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ وَسَلْخِهَا وَتَأْرِيبِهَا، فَإِنَّهُ عَلَّلَ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ بِبَقَاءِ اسْمِ الشَّاةِ فِيهَا بَعْدَ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ فَوَرَدَ عَلَيْهِ قَطْعًا أَنْ يُقَالَ: الْكَلَامُ فِي الشَّاةِ الَّتِي ذُبِحَتْ ثُمَّ أُرِّبَتْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اسْمَ الشَّاةِ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ التَّأْرِيبِ فَلَمْ تَتَحَقَّقُ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ تَبَدُّلُ الِاسْمِ وَعَدَمِ تَبَدُّلِهِ، فَلَمْ يَصْلُحُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ جَوَابًا عَمَّا اسْتَشْهَدَ بِهِ الشَّافِعِيُّ. نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَمَّا اسْتَشْهَدَ بِهِ الشَّافِعِيُّ بِمَا قُرِّرَ فِي الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ، لَكِنَّهُ لَا يَدْفَعُ قُصُورَ مَا أَجَابَ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ، وَمَدَارُ السُّؤَالِ الْمَزْبُورِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>