للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ فِيمَا يَتَغَيَّرُ بِعَمَلِ الْغَاصِبِ

قَالَ (وَإِذَا تَغَيَّرَتْ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ حَتَّى زَالَ اسْمُهَا وَعِظَمُ مَنَافِعُهَا زَالَ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَنْهَا وَمَلَكَهَا الْغَاصِبُ وَضَمِنَهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ بَدَلَهَا، كَمَنْ غَصَبَ شَاةً وَذَبَحَهَا وَشَوَاهَا أَوْ طَبَخَهَا

وَعَدَمُهَا إلَّا أَنْ يَتَأَكَّدَ بِالنَّقْدِ مِنْهَا. قَالَ مَشَايِخُنَا: بَلْ لَا يَطِيبُ بِكُلِّ حَالٍ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَ، وَبَعْدَ الضَّمَانِ لَا يَطِيبُ الرِّبْحُ بِكُلِّ حَالٍ، وَإِطْلَاقُ الْجَوَابِ هَاهُنَا وَالْمُضَارَبَةُ وَالْجَامِعُ الْكَبِيرُ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، إلَى هُنَا لَفْظُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.

وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ مَشَايِخُنَا: الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ لِكَثْرَةِ الْحَرَامِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ عَنْ النَّاسِ، وَعَلَى هَذَا تَقَرَّرَ: أَيْ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ.

(فَصْلٌ فِيمَا يَتَغَيَّرُ بِعَمَلِ الْغَاصِبِ)

قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ حَقِيقَةِ الْغَصْبِ وَحُكْمِهِ مِنْ وُجُوبِ رَدِّ الْعَيْنِ أَوْ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ أَعْقَبَهُ بِذِكْرِ مَا يَزُولُ بِهِ مِلْكُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ عَارِضٌ وَحَقُّهُ الْفَصْلُ عَمَّا قَبْلَهُ اهـ.

أَقُولُ: فِيهِ كَلَامٌ. أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ مَا يَزُولُ بِهِ مِلْكُ الْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ عَارِضًا لِأَصِلْ الْغَصْبِ إلَّا أَنَّ رَدَّ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ مُتَفَرِّعٌ عَلَى تَحَقُّقِ هَذَا الْعَارِضِ، فَإِنَّ مُوجِبَ أَصْلِ الْغَصْبِ إنَّمَا هُوَ رَدُّ الْعَيْنِ، وَلَا يُصَارُ إلَى رَدِّ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ إلَّا بَعْدَ هَلَاكِ الْعَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ فِيمَا مَرَّ، فَلَمْ يَكُنْ رَدُّ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ إلَّا بَعْدَ هَلَاكِ الْعَيْنِ حُكْمُ الْغَصْبِ إلَّا بَعْدَ حُدُوثِ ذَلِكَ الْعَارِضِ، فَكَانَ بِالتَّأْخِيرِ أَحْرَى مِنْهُ.

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ كَوْنَ مَا يَزُولُ بِهِ مِلْكُ الْمَالِكِ عَارِضًا إنَّمَا يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَهُ لِلتَّأْخِيرِ لَا لِفَصْلِهِ عَمَّا قَبْلَهُ بِأَنْ يُورِدَ فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ فَلَمْ يَتَّمَ قَوْلُهُ وَحَقُّهُ الْفَصْلُ عَمَّا قَبْلَهُ، وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْغَايَةِ تَدَارَكَهُ حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّهُ عَارِضٌ فَنَاسَبَ أَنْ يُذْكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، لَكِنْ لَا يَتِمُّ بِهِ تَمَامَ التَّقْرِيبِ إذْ الْمَقْصُودُ بَيَانُ وَجْهِ ذِكْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الْعَارِضِ مِنْ الْمَسَائِلِ فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ لَا بَيَانُ وَجْهِ مُجَرَّدِ ذِكْرِهِ مُتَأَخِّرًا عَمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا تَغَيَّرَتْ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ حَتَّى زَالَ اسْمُهَا وَعِظَمُ مَنَافِعِهَا زَالَ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَنْهَا وَمَلَكَهَا الْغَاصِبُ وَضَمِنَهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ بَدَلَهَا) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: قَوْلُهُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا تَغَيَّرَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، مِثْلَ أَنْ صَارَ الْعِنَبُ زَبِيبًا بِنَفْسِهِ أَوْ خَلًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>