للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ بَاعَ الْخَشَبَةَ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهَا فَتَرَكَهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى عَطِبَ بِهَا إنْسَانٌ فَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ) لِأَنَّ فِعْلَهُ وَهُوَ الْوَضْعُ لَمْ يَنْفَسِخْ بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَهُوَ الْمُوجِبُ (وَلَوْ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ جَمْرًا فَأَحْرَقَ شَيْئًا يَضْمَنُهُ) لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِيهِ (وَلَوْ حَرَّكَتْهُ الرِّيحُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ ثُمَّ أَحْرَقَ شَيْئًا لَا يَضْمَنُهُ) لِنَسْخِ الرِّيحِ فِعْلَهُ، وَقِيلَ إذَا كَانَ الْيَوْمُ رِيحًا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِعَاقِبَتِهِ وَقَدْ أَفْضَى إلَيْهَا فَجُعِلَ كَمُبَاشَرَتِهِ.

(وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ الْفَعَلَةَ لِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ أَوْ الظُّلَّةِ فَوَقَعَ فَقَتَلَ إنْسَانًا قَبْلَ أَنْ يَفْرُغُوا مِنْ الْعَمَلِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ) لِأَنَّ التَّلَفَ بِفِعْلِهِمْ (وَمَا لَمْ يَفْرُغُوا لَمْ يَكُنْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا إلَى رَبِّ الدَّارِ) وَهَذَا لِأَنَّهُ انْقَلَبَ فِعْلُهُمْ قَتْلًا حَتَّى وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ، وَالْقَتْلُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي عَقْدِهِ فَلَمْ يَتَسَلَّمْ فِعْلُهُمْ إلَيْهِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمْ (وَإِنْ سَقَطَ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ فَالضَّمَانُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ اسْتِحْسَانًا)

أَقُولُ: فِيهِ نَوْعُ تَسَاهُلٍ، لِأَنَّ جَوَابَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَفِيمَا إذَا عَطِبَتْ بِهِ دَابَّةٌ يَجِبُ ضَمَانُهَا فِي مَالِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، وَكَلِمَةُ كَذَا تَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ فِي الْجَوَابِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَطِبَتْ بِهِ دَابَّةٌ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِكَلِمَةِ كَذَا هُنَا هُوَ التَّشْبِيهُ وَالتَّشْرِيكُ فِي مُجَرَّدِ وُجُوبِ الضَّمَانِ لَا فِي وُجُوبِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْخَاصِّ الْمَذْكُورِ فِيمَا سَبَقَ، فَيَعُمُّ قَوْلَهُ إذَا تَعَثَّرَ بِنَقْضِهِ إنْسَانٌ.

وَقَوْلَهُ أَوْ عَطِبَتْ بِهِ دَابَّةٌ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ الْعِبَارَةِ فَهُوَ عَيْنُ التَّسَاهُلِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ الْفَعَلَةَ لِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ أَوْ الظُّلَّةِ فَوَقَعَ فَقَتَلَ إنْسَانًا قَبْلَ أَنْ يَفْرُغُوا مِنْ الْعَمَلِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ إلَخْ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هُوَ عَلَى وُجُوهٍ: إنْ قَالَ مُخْرِجُ الْجَنَاحِ لِلْأُجَرَاءِ: ابْنُوا جَنَاحًا لِي عَلَى فِنَاءِ دَارِي فَإِنَّهُ مِلْكِي أَوْ لِي حَقُّ إشْرَاعِ الْجَنَاحِ إلَيْهِ مِنْ الْقَدِيمِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَمَلَةُ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ فَفَعَلُوا ثُمَّ سَقَطَ فَأَصَابَ شَيْئًا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ، وَيَرْجِعُونَ بِالضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا سَوَاءٌ سَقَطَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ، لِمَا أَنَّ الضَّمَانَ وَجَبَ عَلَى الْعَامِلِ بِأَمْرِ الْآمِرِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ غَيْرَهُ لِيَذْبَحَ لَهُ شَاةً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الشَّاةُ بَعْدَ الذَّبْحِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الذَّابِحَ وَيَرْجِعَ الذَّابِحُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَلِأَنَّهُ غَرَّهُ كَذَا هَذَا.

وَإِنْ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>