(وَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى) لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّ فِي الْجَنِينِ إنَّمَا ظَهَرَ التَّفَاوُتُ لِتَفَاوُتِ مَعَانِي الْآدَمِيَّةِ وَلَا تَفَاوُتَ فِي الْجَنِينِ فَيُقَدَّرُ بِمِقْدَارٍ وَاحِدٍ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ.
(فَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَ حَيًّا بِالضَّرْبِ السَّابِقِ (وَإِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ بِقَتْلِ الْأُمِّ وَغُرَّةٌ بِإِلْقَائِهَا) وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ ﵊ قَضَى فِي هَذَا بِالدِّيَةِ وَالْغُرَّةِ» (وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ مِنْ الضَّرْبَةِ ثُمَّ خَرَجَ الْجَنِينُ بَعْدَ ذَلِكَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ فِي الْأُمِّ وَدِيَةٌ فِي الْجَنِينِ) لِأَنَّهُ قَاتِلُ شَخْصَيْنِ (وَإِنْ مَاتَتْ ثُمَّ أَلْقَتْ مَيِّتًا فَعَلَيْهِ دِيَةٌ فِي الْأُمِّ وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَجِبُ الْغُرَّةُ فِي الْجَنِينِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَوْتُهُ بِالضَّرْبِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَلْقَتْهُ مَيِّتًا وَهِيَ حَيَّةٌ. وَلَنَا أَنَّ مَوْتَ الْأُمِّ أَحَدُ سَبَبَيْ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ يَخْتَنِقُ بِمَوْتِهَا إذْ تَنَفُّسُهُ بِتَنَفُّسِهَا فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِالشَّكِّ. قَالَ (وَمَا يَجِبُ
وَكَانَ ذَلِكَ الْأَقَلُّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ يَجِبُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَكِنْ لَنَا فِي التَّقْيِيدِ بِالْأَكْثَرِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ بَلْ كَانَ قَدْرَ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ إلَى ثُلُثِهَا يَجِبُ فِي سَنَةٍ انْتَهَى.
وَنَقَلَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ مَضْمُونَ نَظَرِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْجَوَابِ عَنْهُ حَيْثُ قَالَ: وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْأَكْثَرِ لَيْسَ بِمُفِيدٍ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نِصْفَ الْعُشْرِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ انْتَهَى فَكَأَنَّهُ ارْتَضَاهُ. وَأَشَارَ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ تَصْحِيحِ النُّسْخَةِ الْأُولَى: لَكِنَّ التَّقْرِيبَ إنَّمَا يَتَأَتَّى أَنْ لَوْ كَانَ نِصْفُ الْعُشْرِ وَاجِبًا فِي سَنَةٍ، لِأَنَّ الْغُرَّةَ مُقَدَّرَةٌ بِنِصْفِ الْعُشْرِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْعُشْرِ مُؤَجَّلًا بِسَنَةٍ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الْعُشْرِ مُؤَجَّلًا بِهَا انْتَهَى. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الْعُشْرِ مُؤَجَّلًا بِسَنَةٍ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الْعُشْرِ أَيْضًا مُؤَجَّلًا بِسَنَةٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الْعُشْرِ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ أَصْلًا كَأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْعُشْرِ أَوْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا بِأَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ وَبِذَلِكَ لَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ مَوْتَ الْأُمِّ أَحَدُ سَبَبَيْ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ يَخْتَنِقُ بِمَوْتِهَا إذْ تَنَفُّسُهُ بِتَنَفُّسِهَا فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِالشَّكِّ) اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشَّكَّ ثَابِتٌ فِيمَا إذَا أَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ بِالضَّرْبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute