للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَدَلَ النَّفْسِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نَفْسٌ عَلَى حِدَةٍ فَهُوَ بَدَلُ الْعُضْوِ مِنْ حَيْثُ الِاتِّصَالُ بِالْأُمِّ فَعَمِلْنَا بِالشَّبَهِ الْأَوَّلِ فِي حَقِّ التَّوْرِيثِ، وَبِالثَّانِي فِي حَقِّ التَّأْجِيلِ إلَى سَنَةٍ، لِأَنَّ بَدَلَ الْعُضْوِ إذَا كَانَ ثُلُثَ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الْعُشْرِ يَجِبُ فِي سَنَةٍ، بِخِلَافِ أَجْزَاءِ الدِّيَةِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا عَلَى مَنْ وَجَبَ يَجِبُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ

خَمْسَمِائَةٍ وَقَدْ عَلِمْت مَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ النَّظَرِ انْتَهَى.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ النَّظَرِ مَا ذَكَرَهُ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: وَرُدَّ بِأَنَّ مَا يَجِبُ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ هُوَ فِي مَالِ الضَّارِبِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْبُلُوغِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، إلَّا أَنَّك عَلِمْت سُقُوطَهُ أَيْضًا بِمَا بَيَّنَّاهُ فِي سُقُوطِ نَظَرِ صَاحِبِ غَايَةِ الْبَيَانِ آنِفًا. ثُمَّ أَقُولُ: فِي تَقْرِيرِ مُرَادِ الْمُصَنِّفِ هُنَا خَلَلٌ، إذْ لَا يَتِمُّ حِينَئِذٍ السُّؤَالُ وَلَا الْجَوَابُ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ مَدْلُولَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ «قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ بِدِيَةِ جَنِينِ الْحُرَّةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ» وَدِيَتُهُ تَبْلُغُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْإِجْمَاعِ، فَمِنْ أَيْنَ يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ لَوْ كَانَتْ قَلِيلَةً بِحَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ تَكُونُ أَيْضًا عَلَى الْعَاقِلَةِ حَتَّى يَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يُنَافِي تَقْيِيدَكُمْ بِقَوْلِكُمْ إذَا كَانَتْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ لَوْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ لَمَا صَلَحَ مُجَرَّدُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّ الْعَوَاقِلَ لَا تَعْقِلُ مَا دُونَ خَمْسِمِائَةٍ لَأَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا بِهِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ دُونَ بَيَانِ نَصٍّ يَشْهَدُ بِذَلِكَ حَتَّى يَصْلُحَ لِلْجَوَابِ عَمَّا ذَكَرَهُ كَمَا قَرَّرَهُ.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَدَلَ النَّفْسِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نَفْسٌ عَلَى حِدَةٍ فَهُوَ بَدَلُ الْعُضْوِ مِنْ حَيْثُ الِاتِّصَالُ بِالْأُمِّ فَعَمِلْنَا بِالشَّبَهِ الْأَوَّلِ فِي حَقِّ التَّوْرِيثِ وَبِالثَّانِي فِي حَقِّ التَّأْجِيلِ إلَى سَنَةٍ) أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لِمَ لَمْ يَعْكِسْ الْأَمْرَ: أَيْ لَمْ يَعْمَلْ فِي حَقِّ التَّأْجِيلِ بِالشَّبَهِ الْأَوَّلِ وَفِي حَقِّ التَّوْرِيثِ بِالشَّبَهِ الثَّانِي، وَمَا لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ ذَلِكَ لَا يَتِمُّ الْمَطْلُوبُ هَاهُنَا. وَالْأَظْهَرُ فِي تَقْرِيرِ التَّعْلِيلِ هَاهُنَا مَا ذَكَرَ فِي الْكَافِي أَخْذًا مِنْ الْمَبْسُوطِ حَيْثُ قَالَ: وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ بَدَلَ النَّفْسِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نَفْسٌ مُودَعَةٌ فِي الْأُمِّ حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْهَا حَيَّةً فَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ تُعْتَبَرُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَهُوَ بَدَلُ الْعُضْوِ مِنْ حَيْثُ الِاتِّصَالُ بِالْأُمِّ فَلَا يَثْبُتُ مِنْ التَّأْجِيلِ إلَّا قَدْرُ الْمُتَيَقَّنِ انْتَهَى تَدَبَّرْ تَفْهَمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ بَدَلَ الْعُضْوِ إذَا كَانَ ثُلُثَ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْعُشْرِ) يَجِبُ فِي سَنَةٍ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ لَفْظِ الْكِتَابِ، وَقَوْلُهُ أَكْثَرَ بِدُونِ الْوَاوِ بَدَلٌ مِنْ أَقَلَّ: أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْأَقَلُّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْعُشْرِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ أَكْثَرَ، وَفِي بَعْضِهَا وَأَكْثَرَ، وَكِلَاهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى بَدَلًا حِينَئِذٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: قَوْلُهُ لِأَنَّ بَدَلَ الْعُضْوِ إذَا كَانَ ثُلُثَ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْعُشْرِ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا أَوْ أَكْثَرَ، وَفِي بَعْضِهَا وَأَكْثَرَ قَالَ الشَّارِحُونَ: وَكِلَاهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَكُونَ الْأَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْعُشْرِ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْأَكْثَرُ صِفَةً لِأَقَلَّ أَوْ بَدَلًا مِنْهُ، وَلَعَلَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُفِيدُ ذَلِكَ إلَى هُنَا لَفْظُهُ. أَقُولُ: فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّ بَيْنَ قَوْلِهِ وَلَعَلَّ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ يُفِيدُ ذَلِكَ أَيْضًا وَبَيْنَ قَوْلِهِ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ النُّسَخِ بِقَصْرِ الصِّحَّةِ عَلَى الْأَوَّلِ تَدَافُعًا لَا يَخْفَى، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ قَصْرَ الصِّحَّةِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ الرِّوَايَةِ لَا مِنْ حَيْثُ سَدَادُ الْمَعْنَى فَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ التَّدَافُعُ. وَقَالَ صَاحِبُ الْغَايَةِ: وَقَوْلُهُ أَكْثَرَ بِدُونِ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ فِي أَوَّلِهِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ أَقَلَّ: أَيْ إذَا كَانَ بَدَلُ الْعُضْوِ ثُلُثَ الدِّيَةِ أَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>