فلقيت هذا الرجل دفعات فأنس بي وكان نفوراً ضنينا بما عنده خائفاً من بني حمدان فأخرج لي قمطراً كبيراً فيه نحو ثلاثمائة رطل جلود فلجان وصكاك وقرطاس مصر وورق صيني وورق تهامي وجلود آدم وورق خراساني فيها تعليقات عن العرب وقصائد مفردات من أشعارهم وشئ من النحو والحكايات والأخبار والأسماء والأنساب وغير ذلك من علوم العرب وغيرهم وذكر أن رجلاً من أهل الكوفة ذهب عنى اسمه كان مستهتراً بجمع الخطوط القديمة وأنه لما حضرته الوفاة خصه بذلك لصداقة كانت بينهما وأفضال من محمد بن الحسين عليه ومجانسة المذهب فإنه كان شيعياً فرأيتها وقلبتها فرأيت عجباً إلا أن الزمان قد أخلقها وعمل فيها عملاً أدرسها وأحرفها وكان على كل جزء أو ورقة أو مدرج توقيع بخطوط العلماء واحدا أثر واحد فذكر فيه خط من هو وتحت كل توقيع توقيع آخر خمسة وستة من شهادات العلماء على خطوط بعض لبعض ورأيت في جملتها مصحفاً بخط خالد بن أبي الهياج صاحب علي ﵁ ثم وصل هذا المصحف إلى أبي عبد الله بن حاني ﵀ ورأيت فيها بخطوط الإمامين الحسن والحسين ورأيت عنده أمانات وعهوداً بخط أمير المؤمنين علي ﵇ وبخط غيره من كتاب النبي ﷺ ومن خطوط العلماء في النحو واللغة مثل أبي عمرو بن العلاء وأبي عمر والشيباني والأصمعي وابن الأعرابي وسيبويه والفراء والكسائي ومن خطوط أصحاب الحديث مثل سفيان بن عيينة وسفيان الثوري والأوزاعي وغيرهم ورأيت ما يدل على أن النحو عن أبي الأسود ما هذه حكايته وهي أربعة أوراق أحسبها من ورق الصين ترجمتها هذه فيها كلام في الفاعل والمفعول من أبي الأسود رحمة الله عليه بخط يحيى بن يعمر وتحت هذا الخط بخط عتيق هذا خط علان النحوي وتحته هذا خط النضر بن شميل ثم لما مات هذا الرجل فقدنا القمطر وما كان فيه فما سمعنا له خبراً ولا رأيت منه غير المصحف هذا على كثرة بحثي عنه