وقال سفيان الثوري: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، المعصية يُتاب منها، والبدعة لا يتاب منها. وقال ابن عباس: النظر إلى الرجل من أهل السنة يدعو إلى السنة، وَينهَى عن البدعة عبادةٌ. وقال أبو العالية: عليكم بالأمر الأَوَّل الذي كانوا عليه قبل أن يتفرقوا، قال عاصم الأحول: فحدثتُ به الحسن، فقال: قد نصحك والله وصدقك.
وقد قال بعض العلماء العارفين في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "تفرقت بنو إسرائيل عن ثنتين وسبعين فرقة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين … " الحديث:
هذه الفرقة التي زادت في فرقة أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- قوم يُعادون العلماء، ويُبغضون الفقهاء، ولم يكن ذلك قط في الأمم السالفة. وقد رَوَى رافع بن خديج أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"يكون في أمتي قوم يَكفُرون بالله وبالقرآن، وهم لا يشعرون، كما كفرت اليهود والنصارى"، قال: فقلت -جُعِلتُ فداك يا رسول الله-: كيف ذاك؟ قال: يُقِرُّون ببعض، ويكفرون ببعض، قال: قلت -جُعلتُ فداك يا رسول الله-: وكيف يقولون؟ قال:"يجعلون إبليس عَدلًا لله في خلقه وقوته ورزقه، ويقولون: الخير من الله، والشر من إبليس " -قال-: "فيكفرون بالله، ثم يقرءون على ذلك كتابَ الله، فيكفرون بالقرآن بعد الإيمان والمعرفة،، قال: "فما تَلقَى منهم من العداوة والبغضاء والجدال، أولئك زنادقة هذه الأمة … " وذكر الحديث. وقد نهى الله -صلى الله عليه وسلم- عن مجالسة أهل البِدَع والأهواء، وأن من جالسهم حكمه حكمهم، فقال عز وجل:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا} الآية [الأنعام: ٦٨]، ثم بَيّن في "سورة النساء"، وهي مدنية عقوبةَ مَن فَعَل ذلك، وخالف ما أمر الله به فقال:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} الآية [النساء: ١٤٠]، فألحق من جالسهم بهم، وقد ذهب إلى هذا جماعة من أئمة هذه الأمة، وحكم بموجب هذه الآيات، في مجالس أهل البِدَع على المعاشرة والمخالطة، منهم: أحمد بن حنبل، والأوزاعي، وابن المبارك، فإنهم قالوا في رجل شأنه مجالسة أهل البدع، قالوا: يُنهَى عن مجالستهم، فإن انتهى وإلا أُلحق بهم، يعنون في الحكم. وقد حمل عمر بن عبد العزيز الحدّ على مجالس شَرَبةِ الخمر، وتلا: {إِنَّكُمْ