للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[فإنه قيل]: فإن تضمينها على ذلك الوجه مخترع.

[فالجواب]: أن له أصلًا في الشرع، ففي الحديث ما يدلّ عليه، ولو سُلّم أنه ليس في ذلك دليلٌ على الخصوص، فالشرع بجملته يدلّ على اعتباره، وهو مستمدّ من قاعدة المصالح المرسلة.

فعلى القول بإثباتها أصلًا شرعيًّا لا إشكال في أن كلّ علم خادم للشريعة داخل تحت أدلّته التي ليست بمأخوذة من جزئي واحد، فليست ببدعة ألبتة.

وعلى القول بنفيها لا بدّ أن تكون تلك العلوم مبتدعات، وإذا دخلت في علم البدع كانت قبيحة؛ لأن كلّ بدعة ضلالة من غير إشكال.

ويلزم من ذلك أن يكون كَتْبُ المصحف، وجمع القرآن قبيحًا، وهو باطل بالإجماع، فليس إذاً بدعةً.

ويلزم أن يكون دليلٌ شرعى، وليس إلا هذا النوع من الاستدلال، وهو المأخوذ من جملة الشريعة، وإذا ثبت جزئيّ في المصالح المرسلة ثبت مطلق المصالح المرسلة.

فعلى هذا لا ينبغي أن يُسمّى علم النحو أو غيره من علوم اللسان، أو علم الأصول، أو ما أشبه ذلك من العلوم الخادمة للشريعة بدعةً أصلًا، ومن سمّاه بدعةً، فإما على المجاز، كما سَمَّى عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- قيام الناس في رمضان بدعةً، وإما جهلًا بمواقع السنّة والبدعة، فلا يكون قول من قال ذلك معتدًّا به، ولا معتمدًا عليه.

وقوله في الحدّ: "تضاهي الشرعيّة" يعني: أنها تشابه الطريقة الشرعيّة من غير أن تكون في الحقيقة كذلك، بل هي مضادّة لها من أوجه:

(منها): وضع الحدود؛ كالناذر للصيام قائمًا لا يقعد، ضاحيًا لا يَستظلّ، والاختصاص في الانقطاع للعبادة، والاقتصار من المأكل والملبس على صنف واحد دون صنف، من غير علّة.

(ومنها): التزام الكيفيّات والهيئات المعيّنة؛ كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد، واتخاذ يوم ولادة النبيّ -صلى الله عليه وسلم عيدًا، وما أشبه ذلك.

(ومنها): التزام العبادات المعيّنة في أوقات معيّنة، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة؛ كالتزام صيام يوم النصف من شعبان، وقيام ليلته.