للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الأولى من دعوى الإشباع أن تكون "لا" نافية، والفعل مرفوع، وهو خبر، فيكون النفي بمعنى النهي المؤكّد؛ لأن النفي المستفاد من النهي آكد، كما أسلفناه غير مرّة.

قال السهيليّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يجوز الخبر عن مستقرّ أمر الشرع؛ أي: لا يكون إلَّا هذا. انتهى (١).

وأما حذفها، فتكون "لا" فيه ناهية، والفعل مجزوم بها، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

وقال في "الكاشف": "لا يتحرّى" نفي بمعنى النهي، يقال: فلان يتحرّى الأمرَ: أي: يتوخّاه ويقصده، ومن الحرَى اشتُقّ التحريّ في الأماكن ونحوها، وهو طلب ما هو أحرى بالاستعمال في غالب الظنّ، كما اشتُقّ التقمّنُ من القَمَن، ولفظ الحديث يَحْتَمل وجهين: التحرّي بمعنى التوخّي والقصد؛ أي: لا يقصد الوقت الذي تطلع فيه الشممس، أو تغرب، ويتوخّاه، فيصلي فيه، والآخر: التحرّي بمعنى طلب ما هو أحرى بالاستعمال؛ أي: لا يصلّي في ذلك الوقت ظنًّا منه أنه قد عَمِل بما هو الأحري، والأول أوجه، وأبلغ في معنى المراد. انتهى (٢).

(فَيُصَلِّيَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا) قال في "الفتح": بنصب "يُصَلِّي"، والمراد نفي التحرّي والصلاة معًا، ويجوز الرفع: أي: لا يتحرَّى أحدكم الصلاة في وقت كذا، فهو يصلي فيه، وقال ابن خروف: يجوز في "فيصلي" ثلاثة أوجه: الجزم على العطف؛ أي: لا يتحرَّ، ولا يصلِّ، والرفع على القطع؛ أي: لا يتحرَّي، فهو يصلي، والنصب على جواب النهي، والمعنى: لا يتحرَّى مصليًا.

وقد وقع في رواية القعنبيّ في "الموطأ": "لا يتحرَّى أحدكم أن يصلي"، ومعناه: لا يتحرى الصلاة، قاله في "الفتح" (٣).


(١) راجع: "الفتح" ٢/ ٧٣.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١١١٧.
(٣) "الفتح" ٧٣ - ٧٤.