أوله، من الإقراء رباعيًّا، وعليه فـ "أمتَكَ" مفعول أول، و"القرآن" مفعول ثان، واللَّه تعالى أعلم.
(عَلَى حَرْفٍ") تقدّم البحث في معنى الحرف، وفي المراد به هنا في شرح حديث عمر -رضي اللَّه عنه- أول الباب.
(فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("أَسْأَلُ) بصيغة المضارع المسند إلى ضمير المتكلّم، فقوله:(اللَّهَ) منصوب على أنه المفعول الأول، وقوله:(مُعَافَاتَهُ) منصوب على أنه مفعول ثانٍ؛ لأن "سأل" يتعدّى إلى مفعولين، وهو مفرد منصوب بالفتحة، وليس جمع مؤنّث سالم ينصب بالكسر، فتنبّه،
وقوله:(وَمَغْفِرَتَهُ) عطف على "معافاته".
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "أسأل اللَّه معافاتَه" أي تسهيله وتيسيره، من عَفَا الأثرُ: أي سَهُل وتَغَيَّر، وسؤاله المغفرة؛ مخافة وقوع التقصير فيما يلزم من ذلك، واللَّه تعالى أعلم. انتهى (١).
والمعنى أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- سأل اللَّه عزَّ وجلَّ أن يتجاوز عن أمته عن القراءة على حرف واحد، ويُوَسِّع لها، ويغفر لها ذنوبها، فإنها لا تطيق ذلك، لعدم وحدة لغتهم، فلو كُلِّفوا أن يقرؤوا بلغة قريش التي هي لغة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مثلًا لشقّ عليهم ذلك؛ لعدم ممارستهم لها.
وقد أخرج الترمذيُّ عن زِرّ بن حُبَيش، عن أبي بن كعب -رضي اللَّه عنه-، قال: لَقِي رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جبريلَ، فقال: "يا جبريل، إني بعثت إلى أمة أميين، منهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابًا قطّ، قال: يا محمد إن القرآن أنزل على سبعة أحرف"، قال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرج النسائيّ بإسناد صحيح، عن أنس، عن أُبَيّ بن كعب -رضي اللَّه عنهما- قال: ما حاك في صدري منذ أسلمت إلا أني قرأت آيةً، وقرأها آخر غير قراءتي،