السكوت يكون جوابًا، والإعراض عن القول الذي لا يطابق المراد، وإن كان حقًّا في نفسه، قاله في "الفتح".
(ثُمَّ سَمِعْتُهُ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (وَهُوَ مُدْبِرٌ) ولفظ البخاريّ: "وهو مُوَلٍّ" (يَضْرِبُ فَخِذَهُ، وَيَقُولُ:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} هذا إنكار لجدل عليّ -رضي اللَّه عنه-؛ لأنه تمسك بالتقدير، والمشيئة في مقابلة التكليف، وهو مردود، ولا يتأتى إلا عن كثرة جدله، نعم التكليف هنا ندبيّ، لا وجوبي، فلذلك انصرف -صلى اللَّه عليه وسلم- عنهما، ولو كان وجوبيًّا لما تركهما على حالهما، أفاده السنديُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المختار في معناه أنه تعجّب من سُرعة جوابه، وعدم موافقته له على الاعتذار بهذا، ولهذا ضرب فخذه، وقيل: قاله تسليمًا لعذرهما، وأنه لا عتب عليهما. انتهى.
وقال في "الفتح": فيه جواز ضرب الفخذ عند التأسف، وقال ابن التين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كَرِهَ احتجاجه بالآية المذكورة، وأراد منه أن ينسُب التقصير إلى نفسه. انتهى، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عليّ -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣٠/ ١٨١٨](٧٧٥)، و (البخاريّ) في "التهجّد"(١١٢٧)، و"التفسير"(٤٧٢٤)، و"الاعتصام"(٧٣٤٧)، و"التوحيد"(٧٤٦٥)، وفي "الأدب المفرد"(٩٥٥)، و (النسائيّ) في "قيام الليل"(١٦١١ و ١٦١٢)، وفي "الكبرى"(١٣١)، و (أحمد) في "مسنده"(١/ ٩١ و ١١٢)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(١١٣٩ و ١١٤٠)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٢٥٦٦)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٢٢٠٦ و ٢٢٠٧ و ٢٢٠٨ و ٢٢٠٩)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٧٦٧)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٢/ ٥٠٠)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): الحثّ على صلاة الليل، وبيان فضيلتها، وإيقاظ النائمين من