وقال القاري: تكون "من" بيانيّة (فَقَالَتْ: "كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِي) وفي بعض النسخ: "في بيته"، ولا تعارض بينهما؛ لأن بيتها هو بيته -صلى اللَّه عليه وسلم- (قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا) فيه دليلٌ على أن المؤكّد قبل الظهر أربع ركعات، وهو مذهب الحنفيّة، ووجه عند الشافعيّ (ثُمَّ يَخْرُجُ) أي: إلى المسجد (فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ) أي: الفريضة (ثُمَّ يَدْخُلُ) أي: بيتها (فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّى بِالنَّاسِ الْمَغْربَ) لعلّ وجه عدم ذكرها العصر؛ لكونها بصدد بيان السنن المؤكَّدة (ثُمَّ يَدْخُلُ) البيت (فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ) فيه استحباب أداء سنّة المغرب في البيت (وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتِي، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ) فيه استحباب أداء سنة العشاء في البيت (وَكَانَ يُصَلِّي) أي: أحيانًا (مِنَ اللَّيْلِ) أي: فيه، فـ "من" بمعنى "في"، أو هي للتبعيض، أي: بعض الليل (تِسْعَ رَكَعَاتٍ) هذا كما أشرنا ما يفعله في بعض الأوقات، وقد صحّ عنها أنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة، وصحّ أيضًا أنه يصلي ثلاث عشرة، وسيأتي تمام البحث في هذا في الباب التالي -إن شاء اللَّه تعالى- (فِيهِنَّ الْوِتْرُ) أي: في جملة تسع ركعات صلاة الوتر، وهي التاسعة، وقد جاء بيان ذلك في حديث سعد بن هشام الطويل الآتي للمصنّف بعد باب، قال: قلت: يا أم المؤمنين، أنبئيني عن وتر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت: كنا نُعِدّ له سواكه وطهوره، فيبعثه اللَّه ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ، ويصلي تسع ركعات، لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر اللَّه، ويحمده، ويدعوه، ثم ينهض، ولا يسلِّم، ثم يقوم، فيصلِّ التاسعة، ثم يقعد، فيذكر اللَّه، ويحمده، ويدعوه، ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم، وهو قاعد، وتلك إحدى عشرة ركعة يا بُنَيّ، فلما أَسَنَّ نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأخذه اللحم، أوتر بسبع، وصَنَعَ في الركعتين مثل صنيعه الأول، فتلك تسع يا بُنَيّ. . . الحديث.
(وَكَانَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا) أي: وقتًا طويلًا من الليل (قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا) يعني أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي صلاة كثيرة بعضها بالقيام، وبعضها بالقعود (وَكَانَ إِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ) أي: لا يقعد قبل الركوع، قاله ابن حجر الهيتميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي: ينتقل إليهما من القيام،