للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وفي نسخة: "أتممتُ صلاتي"، يعني أنه لو كان مخيّرًا بين الإتمام، وصلاة الراتبة لكان الإتمام أحبّ إليه، لكنه فَهِمَ من القصر التخفيف، فلذلك كان لا يُصلي الراتبة، ولا يُتمّ، قاله في "الفتح" (١).

وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لعلّ المعنى: لو كنت صليت النافلة على خلاف السنة لأتممت الفرض على خلافها؛ أي: لو تركت العمل بالسنة لكان تركها لإتمام الفرض أحبّ، وأولى من تركها لإتيان النفل، وليس المعنى: لو كانت النافلة مشروعة لكان الإتمام مشروعًا، حتى يَرِدَ عليه ما قيل: إن شرع الفرض تامّةً يُفضي إلى الحرج؛ إذ يلزم حينئذ الإتمام، وأما شرع النفل، فلا يُفضي إلى حرج؛ لكونها إلى خِيرة المصلي (٢). انتهى.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: لو اخترت التنفل لكان إتمام فريضتي أربعًا أحبّ إليّ، ولكني لا أرى واحدًا منهما، بل السنة القصر، وترك التنفل.

ومراده النافلة الراتبة مع الفرائض، كسنة الظهر والعصر وغيرها من المكتوبات، وأما النوافل المطلقة، فقد كان ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- يفعلها في السفر، ورَوَى عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يفعلها، كما ثبت في مواضع من "الصحيح" عنه. انتهى (٣).

(يَا ابْنَ أَخِي) نداء لحفص بن عاصم؛ فإنه ولد أخيه عاصم بن عمر بن الخطّاب (إِنِّي صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي السَّفَرِ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ) أي: في هذه الصلاة التي صلاها لهم في ذلك الوقت، فلا يُعتَرَض على كلامه بالمغرب، حيث لا تُصلَّى ركعتين إجماعًا.

قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يَحْتَمِل هذا اللفظ -يعني: "كان لا يزيد في السفر على ركعتين"- أن يريد أن لا يزيد في عدد ركعات الفرض، فيكون كنايةً عن نفي الإتمام، والمراد به الإخبار عن المداومة على القصر، ويَحْتَمِل أن


(١) "الفتح" ٢/ ٦٧٣.
(٢) "الْخِيرة" بالكسر: اسم من الاختيار، كالفِدْية من الافتداء، قاله في "المصباح" ١/ ١٨٥.
(٣) "شرح النوويّ" ٥/ ١٩٨.