للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وحَمَل الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- قوله: "لا كفارة لها إلا ذلك" على وجهين:

أحدهما: أن المعنى أنه لا يجوز له تركها إلى بدل، ولا يكفِّرها غير قضائها.

والثاني: أن المعنى أنه لا يلزمه في نسيانها كفارة ولا غرامة. قال: إنما عليه أن يصلي ما فاته.

وقد روي عن أبي هريرة -مرفوعًا-: "من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها"، أخرجه الطبراني والدارقطنيّ والبيهقيّ من رواية حفص بن أبي العطاف، واختلف عليه في إسناده إلى أبي هريرة.

وحفص هذا، قال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال يحيى بن يحيى: كذاب، ولا يلتفت إلى ما تفرد به (١).

(قَالَ قَتَادَةُ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤]) أي بلام واحدة، وكسر الراء، وهي القراءة المشهورة.

وقد اختُلِف في ذكر هذه الآية، هل هي من كلام قتادة، أو هي من قول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فرواية هدّاب هذه بقوله: "قال قتادة: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} "، ظاهرة على أنها من كلام قتادة، ورواية المثنى بن سعيد، عن قتادة الثالثة بقوله: "عن قتادة، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا رقد أحدكم عن الصلاة، أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها، فإن اللَّه يقول: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} "، ظاهرة أن الجميع من كلام النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا ذكر في "الفتح"، ولم يذكر وجهًا للجمع بينهما، وعندي أنه لا تعارض، فهو في الأصل مرفوع، لكن قتادة أحيانًا يذكر الآية دون أن ينسب ذلك إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا اختلاف بينهما، واللَّه تعالى أعلم.

واختُلِف في المراد بقوله: {لِذِكْرِي}، فقيل: المعنى لتذكرني فيها، وقيل: لأذكرك بالمدح، وقيل: إذا ذكرتها، أي لتذكيري لك إيا ها، وهذا يَعْضِدُ قراءة مَن قرأ (للذكرى) بلامين.

وقال النخعيّ: اللام للظرف، أي إذا ذكرتني، أي إذا ذكرت أمري بَعْدَ ما نَسِيت، وقيل،: لا تذكر فيها غيري، وقيل: شكرًا لذكري، وقيل: المراد


(١) "فتح الباري" لابن رجب ٥/ ١٣٢.