للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقوله: (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) "ما" هذه نافية، بخلاف الآتية، فإنها مصدرية.

وقوله: (وَجَدَ) أي حَزِنَ، وهو بفتح الواو والجيم مثلّثة على ما قاله في "التاج"، واقتصر في "المصباح"، و"القاموس" على ضبطه بكسر الجيم فقط، وتعقّب ذلك في "التاج"، ودونك عبارته: قال عند قول صاحب "القاموس": "وَكَذَا في الحُزْنِ"، ولكن بِكَسْر ماضِيه، ما نصّه: مُرَاده أَن وَجِدَ في الحُزْنِ مِثْل وَجَدَ في الحُبِّ، أَي ليس له إَّلا مَصْدَرٌ واحِدٌ، وهو الوَجْدُ، وإِنما يخالفه في فِعْله، ففِعل الحُبِّ مفتوح، وفِعْل الحُزن مَكسورٌ، وهو المراد بقوله: ولكن بكسرِ ماضِيه، قال شيخُنا: والذي في "الفصيح" وغيرهِ من الأُمَّهات القديمةِ كـ "الصّحاح"، و"العَيْن"، و"مُخْتَصر العينِ" اقتَصَرُوا فيه على الفَتْح فقط، وكلامُ المصنّف (١) صَرِيحٌ في أَنه إِنما يُقال بالكَسْرِ فقطْ، وهو غَرِيبٌ، فإِن الذين حَكَوْا فيه الكَسْرَ ذَكَرُوه مع الفَتْح الذي وَقَعَتْ عليه كَلِمَةُ الجماهيرِ، نَعمْ حَكَى اللَّحْيَاني فيه الكسْرَ والضَّمَّ في كتابِه "النوادِر"، فظَنَّ ابنُ سِيدَه أَن الفَتْحَ الذي هو اللغةُ المشهورةُ غير مَسمُوعٍ فيه، واقتصر في "الْمُحكمِ" على ذِكْرِهما فقط، دون اللغَةِ المشهورةِ في الدَّوَاوِين، وهو وَهَمٌ. انتهى.

قلت (٢) والذي في "اللسانِ": ووَجَدَ الرَّجُلُ في الحُزْنِ وَجْدًا بالفتح، ووَجِدَ - كِلَاهُمَا عن اللِّحيانيّ: حَزِنَ فهو مُخَالِفٌ لما نَقَلَه شَيْخُنَا عن اللِّحْيَانيّ من الكَسْرِ والضّمِّ، فليتأَمَّل.

ثم قال شيخُنَا: وابنُ سِيدَهْ خالَفَ الجُمْهُورَ، فَأَسْقَطَ اللُّغَةَ المشهورَةَ، والمُصَنِّف (٣) خالَف ابنَ سِيدَهْ الذي هو مُقْتَدَاه في هذه المادَّةِ، فاقتَصَر على الكَسْرِ، كأَنَّه مُرَاعاةً لِرَدِيفه الذي هو حَزِنَ، وعلى كُلِّ حالٍ فهو قُصُورٌ وإِخلالٌ، والكَسْر الذي ذَكَرَه قد حكاه الهَجَرِيُّ، وأَنشَدَ [من الطويل]:

فَوَاكَبِدَا مِمَّا وَجِدْتُ مِن الأَسَى … لَدَى رَمْسِه بَيْنَ القَطِيلِ المُشَذَّب

قال: وكأَنَّ كَسْر الجِيمِ مِن لُغَتِه، فتحَصَّل مِن مجموعِ كَلامِهم أَنَّ وَجَدَ


(١) أي صاحب "القاموس".
(٢) القائل هو صاحب "التاج".
(٣) أي صاحب "القاموس".