لتدركوا صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمراده الحثّ على الأخذ بصلاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي رواية البخاري:"لأقرّبنّ صلاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وللإسماعيليّ:"إني لأقربكم صلاةً برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-".
وقوله:(يَقْنُتُ. . . إلخ) تقدّم أنه من باب قعد يقعُدُ.
وقوله:(وَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ) وفي رواية البخاريّ: "فيدعو للمؤمنين" بالفاء، وهو تفسير وإيضاحٌ لمعنى "قَنَتَ"(وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ) المراد بالمؤمنين مَنْ كان مأسورًا بمكة، وبالكافرين قريش، هكذا ورد مفسّرًا في الرواية المذكورة أول الباب، من رواية ابن شهاب، عن ابن المسيِّب، وأبي سلمة.
قال في "الفتح": قيل: المرفوع من هذا الحديث وجود القنوت، لا وقوعه في الصلوات المذكورة، فإنه موقوف على أبي هريرة، ويوضِّحه ما وقع عند البخاريّ في "تفسير النساء" من رواية شيبان، عن يحيى من تخصيص المرفوع بصلاة العشاء، ولأبي داود من رواية الأوزاعيّ، عن يحيى: قنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاة العتمة شهرًا، ونحوه لمسلم، لكن لا ينافي هذا كونه -صلى اللَّه عليه وسلم- قنت في غير العشاء، وظاهر سياق حديث الباب أن جميعه مرفوع، ولعل هذا هو السر في تعقيب البخاريّ له بحديث أنس -رضي اللَّه عنه- يعني قوله:"كان القنوت في المغرب والفجر"- إشارةً إلى أن القنوت في النازلة لا يَختَصّ بصلاة معينة.
واستُشْكِل التقييد في رواية الأوزاعيّ بشهر؛ لأن المحفوظ أنه كان في قصّة الذين قَتَلُوا أصحاب بئر معونة، كما سيأتي قريبًا.
ووقع في "تفسير آل عمران" من رواية الزهريّ، عن أبي سلمة، في هذا الحديث أن المراد بالمؤمنين مَنْ كان مأسورًا بمكة، وبالكافرين قريشٌ، وأنّ مدته كانت طويلةً، فَيَحْتَمِل أن يكون التقييد بشهر في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- يتعلق بصفة من الدعاء مخصوصةً. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا ذكر الاستشكال في "الفتح"، وعندي أنه لا استشكال في هذا، فما المانع من أن يكون قنوته -صلى اللَّه عليه وسلم- المذكور في هذا الحديث شهرًا، كما كان قنوته في قصّة أصحاب بئر معونة شهرًا أيضًا؟ والذي