للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بفتحتين، وبكسر، فسكون: جمعه آثارٌ، المراد به هنا: الخُطَا، والأصل فيه أن تلك الخطا تؤثّر في الأرض بالمشي عليها، ثم أُطلقت على المشي نفسه، ومنه قوله تعالى: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: ١٢] قال المفسِّرون: آثارهم: خطاهم (الْأَجْرَ) أي الثواب عند اللَّه تعالى (فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم: "إِنَّ لَكَ مَا احْتَسَبْتَ") أي ما ادّخرته، وأعددته عند اللَّه تعالى، يقال: احتسب الأجر على اللَّه: ادّخره عنده، لا يرجو ثواب الدنيا، والاسم الْحِسْبة بالكسر، واحتسبتُ بالشيء: اعتددتُ به، قال الأصمعيّ: وفلانٌ حَسَنُ الْحِسْبة في الأمر: أي حسن التدبير، والنظر فيه، وليس هو من احتساب الأجر، إن احتساب الأجر فعلٌ للَّه لا لغيره. انتهى (١).

وقال ابن الأثير عند شرح قوله: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا": أي طلبًا لوجه اللَّه وثوابه، فالاحتساب من الْحَسْب، كالاعتداد من العَدّ، وإنما قيل لمن يَنْوِي بعمله وجه اللَّه: احتسبه؛ لأن له حينئذ أن يَعْتَدَّ عمله، فجُعِل في حال مباشرة الفعل، كأنه مُعْتَدٌّ به، والْحِسْبةُ: اسم من الاحتساب، كالعِدَّة من الاعتداد، والاحتساب في الأعمال الصالحة، وعند المكروهات: هو البِدَارُ الى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البرّ والقيام بها، على الوجه المرسوم فيها؛ طلبًا للثواب المرجوّ منها.

ومنه الحديث: "من مات له وَلَدٌ، فاحتسبه": أي احتَسَب الأجر بصبره على مصيبته، يقال: احتَسَب فلان ابنًا له، إذا مات كبيرًا، وافترطه، إذا مات صغيرًا، ومعناه: اعتَدَّ مصيبته به في جملة بلايا اللَّه التي يثاب على الصبر عليها، وقد تكرّر ذكر الاحتساب في الحديث. انتهى كلام ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

والمعنى هنا: إن لك عند اللَّه تعالى أجر خَطَوَاتك التي عملتها للَّه تعالى، وادّخرت ثوابها، عنده عزَّ وجلَّ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٣٥.
(٢) "النهاية في غريب الأثر" ١/ ٣٨٢.